الفرع ملحق بأصله في الحكم، لا في القول. وبيانه: إنَّا وإن ألحقنا الزبيب بالتمر في تحريم الربا فلا نقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الربا في الزبيب حرام. فإنَّه قول كاذب، ولو كان ذلك صادقًا لكان الزبيب منطوقًا به، فحينئذ لا يكون فرعًا. بل: أصلًا. وقد اجترأت طائفة عراقية على إطلاق ذلك. ونعوذ بالله مما أُطلق هنالك. وعلى ما قررناه فلا يكون بين حديث سمرة بن جندب، ولا بين حديث جابر - رضي الله عنهم - معارضة، فلا يكون بينهما نسخ خلافًا لمن زعمه، وقال: إن حديث جابر ناسخ لحديث سمرة، وما ذكرناه أولى. والله تعالى أعلم.
فإن قيل: بل المصير إلى النسخ أولى؛ لأنَّ حديث سمرة - وإن حمل على الكراهة - فحديث جابر يقتضي الإباحة المطلقة؛ لأنَّه لما سكت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النهي عن ذلك إلى حين موته، وكذلك عمر - رضي الله عنه - مع حصول ذلك في الوجود كثيرًا، فقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - غلام اسمه: رباح، ومولى اسمه: يسار، وقد سَمَّى ابن عمر مولاه: نافعًا. ومثله كثير. فقد استمر العمل على حديث جابر، فإذًا هو متأخر، فيكون ناسخًا.
والجواب: إن هذا التقدير يلزم منه: أن لا يصدق قول جابر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن ينهى عن ذلك، فإنَّه قد وجد النهي ولا بدَّ، وهو صادق، فلا بدَّ من تأويل لفظه. وما ذكرناه أولى. وما ذكر من تسمية موالي النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره بتلك الأسماء فصحيح؛ لأنَّ ذلك جائز، وغاية ما ترك فيه الأولى، فكم من أولى قد سوغت الشريعة تركه، وإن فات بفوته أجر كثير، وخير جزيل؛ عملًا بالمسامحة والتيسير، وتركًا للتشديد والتعسير.
و(قوله: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يُسمَّى بمقبل) هكذا صحيح الرواية. وهو في بعض النسخ: بيعلى، وكأنه تصحيف، والأوَّل أولى رواية ومعنى.