للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٠٥٩] وعَن المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ عَن الدَّجَّالِ أَكثَرَ مِمَّا سَأَلتُهُ عَنهُ، فَقَالَ لِي: أَي بُنَيَّ، وَمَا يُنصِبُكَ مِنهُ؟ إِنَّهُ لَن يَضُرَّكَ. قَالَ: قُلتُ: إِنَّهُم يَزعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ أَنهَارَ المَاءِ وَجِبَالَ الخُبزِ!

ــ

يصيد في الحل، ويدخله في الحرم، ولا يجوز له أن يصيد في الحرم، فيُفَرَّق بين ابتداء صيده، وبين استصحاب إمساكه، كما ذكرناه في الحج.

وفيه جواز لعب الصَّبي بالطير الصغير، لكن الذي أجاز العلماء من ذلك: أن يمسك له، وأن يلهو بحسنه. وأما تعذيبه، والعبث به: فلا يجوز؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكلة.

وفيه ما يدل على جواز المزاح مع الصغير، لكن إذا قال حقًّا.

وفيه ما يدل على حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - ولطافة معاشرته، وألفاظه، ومنها: قوله لابن عمر (١): (يا بني) وكذلك قوله للمغيرة: (أي بني) فإنَّه نزله منزلة ابنه الصغير في الرحمة، والرفق، والشفقة.

وسؤال المغيرة عن الدجال إنما كان لما سمع من عظيم فتنته، وشدَّة محنته، فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (وما ينصبك منه؟ إنه لن يضرَّك؛ أي: ما يصيبك منه من النَّصَب والمشقَّة. وهكذا رواية الكافة. وعند الهوزني: (ما ينضيك): بالضاد المعجمة، والياء باثنتين من تحتها، وكأنه من جهة قولهم: جمل نضوٌ؛ أي: هزيل، وأنضاه السَّير؛ أي: أهزله. والأول أصح رواية ومعنًى.

و(قوله: إنه لن يضرك) يحتمل أن يريد: لأنك لا تدرك زمان خروجه. ويحتمل أن يكون إخبارًا منه بأنه يُعصم من فتنته، ولو أدرك زمانه، والله ورسوله أعلم.

وقول المغيرة: (إنهم يزعمون: أن معه أنهار الماء، وجبال الخبز) هذا يدلّ


(١) كذا في جميع النسخ، وما تقدم من الحديث السابق أن هذا القول لأنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>