للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٠٧٧] وعن جَابِرَ بنَ عَبدِ اللَّهِ، قال: سَلَّمَ نَاسٌ مِن يَهُودَ عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيكَ يَا أَبَا القَاسِمِ؟ فَقَالَ: وَعَلَيكُم، فَقَالَت عَائِشَةُ - وَغَضِبَت -: أَلَم تَسمَع مَا قَالُوا؟ قَال: بَلَى، قَد سَمِعتُ، فَرَدَدتُ عَلَيهِم، وَإِنَّا نُجَابُ عَلَيهِم، وَلَا يُجَابُونَ عَلَينَا.

رواه أحمد (٣/ ٣٨٣)، ومسلم (٢١٦٦) (١٢).

ــ

وقد اختلف في السَّلام على أهل الذِّمَّة؛ هل هو واجبٌ كالرد على المسلمين؟ وإليه ذهب ابن عبَّاس، والشعبي، وقتادة تمسُّكًا بعموم الآية، وبالأمر بالردِّ عليهم بالذي في هذه الأحاديث. وذهب مالك فيما روى عنه أشهب، وابن وهب إلى أن ذلك ليس بواجب فإنَّ رددت؛ فقل: عليك. والاعتذار عن ذلك: بأن ذلك بيان (١) أحكام المسلمين؛ لأن سلام أهل الذمة علينا (٢) ليس تحية لنا؛ وإنما هو دعاء علينا، كما قد بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إنما يقولون: السَّام) فلا هم يحيوننا، ولا نحن نرد عليهم تحيَّة، بل دعاء عليهم ولعنة، كما فعلته عائشة رضي الله عنها، وأمره صلى الله عليه وسلم لنا بالرد، إنما هو لبيان الرد لما قالوه خاصة، فإن تحققنا من أحدهم أنه تلفظ بالسَّلام رددنا عليه بعليك فقط؛ لإمكان أن يريد بقلبه غير ما نطق بلسانه، وقد اختار ابن طاوس (٣) أن يقول في الرد عليهم: علاكَ السَّلام؛ أي: ارتفع عنك. واختار بعض أصحابنا: السِّلام - بكسر السين -؛ يعني به الحجارة، وهذا كلّه تكلُّف. بل: ما قاله مالك كاف شاف.


(١) في (ز): شأن.
(٢) في (ز): غالبًا.
(٣) هو أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، من فقهاء الإمامية ومحدثيهم، وهو مصنف مجتهد، وله كتب كثيرة في الفقه، وأصول الدين، والأدب، وتراجم رجال الحديث، توفي سنة ٦٧٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>