للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَدبَرَت أَدبَرَت بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أَرَى هَذَا يَعرِفُ مَا هَاهُنَا، لَا يَدخُل عَلَيكُم. قَالَت: فَحَجَبُوهُ.

رواه أحمد (٦/ ١٥٢)، ومسلم (٢١٨١)، وأبو داود (٤١٠٧ و ٤١٠٨)، والنسائي في عشرة النساء (٣٦٥).

* * *

ــ

للينها، ورخامة صوتها. يقال: تغنَّن الرجل، وتغنى، مثل: تضنَّن وتضنَّى.

وفيه: ما يدلّ على جواز العقوبة بالنفي عن الوطن لمن يخاف منه الفساد والفسق. وعلى تحريم ذكر محاسن المرأة المعينة؛ لأنَّ ذلك إطلاع الأسماع على عورتها، وتحريك النفوس إلى ما لا يحل منها. ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها) (١) فأما ذكر محاسن من لا تعرف من النساء: فمباحٌ إن لم يدع إلى مفسدةٍ؛ من تهييج النفوس إلى الوقوع في الحرام، أو في المكروه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا) يدلّ: على أنهم كانوا يظنون أنه لا يعرف شيئًا من أحوال النساء، ولا يخطرن له بالبال. وسببه: أن التخنيث كان فيه خِلقة وطبعًا، ولم يكن يعرف منه إلا ذلك، ولذلك كانوا يعدُّونه من غير أولي الإربة؛ أي: ممن لا حاجة له في النساء. وقد قدَّمنا: أن الأرب والإربة: الحاجة. فلما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفه لتلك المرأة: علم أنه عنده تشوُّف للنساء؛ فحجب لذلك، ثم بولغ في تنكيله، وعقوبته، ونفيه لما اطلع عليه من محاسن تلك المرأة، وكشف من سترها، ولم تكن عقوبته لنفس التخنيث؛ فإنَّ ذلك كان فيه خِلقة، ولم يكن مكتسبًا له، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

وأمَّا من تخانث وتشبه بالنساء، فقد أتى كبيرة من أفحش الكبائر؛ لعنه الله عليها ورسوله، ولا يقرُّ عليها.


(١) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>