للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيهِ الطُّفَيلُ بنُ عمرو، وَهَاجَرَ مَعَهُ رجلٌ مِن قَومِهِ، فَاجتَوَى المَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَت يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيلُ بنُ عمرو فِي مَنَامِهِ، فَرَآهُ

ــ

الإفراد، وهي روايةُ عبد الغافر (١)، وعند غيره تخليطٌ؛ فمنهم من جَمَعَ، فقال: رِجَالٌ، فَاجتَوَوُا المَدِينَةَ، ثم قال بعده: فَمَرِضَ فَجَزِعَ على الإفراد. والأوَّلُ: أصوب. واجتَوَى المَدِينَةَ، أي: كرهها؛ يقال: اجتَوَيتُ المدينةَ: إذا كرهتَهَا، وإن كانت موافقةً لك في بَدَنِكَ، قال الخَطَّابي: أصلُ الاِجتواءِ استِيبَالُ (٢) المكانِ، وكراهيةُ المقامِ فيه؛ لِمضرة لَحِقَتهُ، وأصلُهُ: من الجَوَى، وهو فسادُ الجَوف.

و(قوله: فَأَخَذَ مَشَاقِصَ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ) المَشَاقِص: جمعُ مِشقَص، وهو السهمُ العريض، وقال الداوديُّ: هو السِّكِّين. والبَرَاجِمُ والرَّوَاجِب: مفاصلُ الأصابعِ كلِّها، وقال أبو مالك في كتابِ خَلقِ الإنسان: الرَّوَاجِبُ: رؤوسُ العظام في ظَهرِ الكفِّ، والبراجمُ: هي المفاصلُ التي تحتها.

و(قوله: فشَخَبَت) بالشين المعجمة (٣)، وهو بالخاء المعجمة، وبفَتحِهَا في الماضي، وضمِّها في المضارع، وقد تُفتَحُ، ومعناه: سال، قال ابن دُرَيد: كلُّ شيءٍ سال، فهو شُخبٌ - بضم الشين وفتحها - وهو: ما خرَجَ من الضَّرع من اللبن، وكأنه الدُّفعَةُ منه، ومنه المَثَلُ: شُخبٌ في الأرضِ، وشُخبٌ في الإناء! ، يقال للذي يُصِيبُ مَرَّةً، ويخطئُ في أخرى؛ تشبيهًا له بالحالب الذي يفعلُ ذلك.


(١) هو عبد الغافر بن محمد الفارسي، أبو الحسين: ثقة، صالح. من رواة صحيح مسلم، توفي سنة (٤٤٨ هـ). (سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٩).
(٢) في (ل): استثقال. والمثبت من (ع) و (م) ومعنى: استوبل الأرض: لم توافقه في بدنه، وإن كان محبًّا لها.
(٣) قوله: (بالشين المعجمة) من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>