للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٣] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَيضًا؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا، وَيُمسِي كَافِرًا، ويُمسِي مُؤمِنًا، وَيُصبِحُ كَافِرًا. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا.

رواه أحمد (٢/ ٣٠٤ و ٥٢٣)، ومسلم (١١٨)، والترمذي (٢١٩٦).

* * *

ــ

و(قوله: بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا) أي: سَابِقُوا بالأعمالِ الصالحةِ هجومَ المِحَنِ المانعةِ منها، السالبةِ لشرطها المصحِّح لها الإيمان؛ كما قال: يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا، وَيُمسِي كَافِرًا، ولا إحالةَ ولا بُعدَ في حمل هذا الحديثِ على ظاهره؛ لأنَّ المِحَنَ والشدائد إذا توالَت على القلوب أفسدَتهَا بِغَلَبتها عليها، وبما تُؤَثِّرُ فيها مِنَ القَسوة. ومقصودُ هذا الحديثِ: الحَضُّ على اغتنامِ الفُرصة، والاِجتهادُ في أعمالِ الخيرِ والبِرِّ عند التمكُّنِ منها، قَبلَ هجومِ الموانع.

و(قوله: يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا) عَرَضُ الدنيا بفتح العين والراء: هو طمعها وما يَعرِضُ منها، ويدخُلُ فيه جميعُ المال؛ قاله الهَرَوِيُّ، فأمَّا العَرضُ، بإسكان الراء: فهو خلافُ الطُّول، ويقالُ على أمور كثيرة، والعِرضُ، بكسر العين وسكون الراء: هو نسَبُ الرجلِ وجسمهُ وذاتُهُ.

ومقصودُ هذا الحديثِ: الأمرُ بالتمسُّك بالدِّين، والتشدُّدُ فيه عند الفتن، والتحذيرُ مِنَ الفتنِ، ومِنَ الإقبالِ على الدنيا وعلى مَطَامِعِهَا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>