للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَو كَانَ شَيءٌ سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَتهُ العَينُ، وَإِذَا استُغسِلتُم فَاغسِلُوا.

رواه مسلم (٢١٨٨) (٤٢)، والترمذي (٢٠٦٢).

ــ

وسموم الحيوانات ما يُقضَى منها العجب، ويُتحقَّق أنَّ كل ذلك فعل مسبِّب كلَّ سبب. ولا يلتفت أيضًا إلى قول من قال من المثبتين للعين: إنَّ العائن تنبعث من عينه قوةٍ سُمِّيَّة تتصل بالمعين فيهلك، أو يفسد، كما تنبعث قوة سُمِّيَّة من الأفعى والعقرب تتصل باللَّديغ فتهلكه؛ لأنَّا نقول لهؤلاء: إن كنتم تريدون بالقوَّة أن هناك معنى يقتضي ذلك الضرر بذاته، وأن ذلك ليس فعلًا لله تعالى فذلك كفر؛ لأنَّه جحد لما علم من الشرع والعقل؛ من: أنه لا خالق إلا الله عز وجل، ولا فاعل على الحقيقة إلا هو. وإن كان يريد بذلك: أن الله تعالى هو الفاعل للسبب والمسبب؛ فهو الحق الصَّريح، غير أن إطلاق لفظ القوَّة في هذا المعنى ليس بحسن عند المتشرِّعين ولا صحيح.

و(قوله: ولو كان شيء سابق القَدَر لسبقته العين) هذا إغياءٌ في تحقيق إصابة العين، ومبالغة فيه تجري مجرى التمثيل، لا أنَّه يمكن أن يردَّ القدر شيء، فإنَّ القدر عبارة عن سابق علم الله تعالى ونفوذ مشيئته، ولا رادَّ لأمره، ولا معقب لحكمه، وإنَّما هذا خرج مخرج قولهم: لأطلبنَّك ولو تحت الثَّرى. أو: لو (١) صعدت إلى السَّماء، ونحوه مما يجري هذا المجرى، وهو كثير (٢).

و(قوله: وإذا استغسلتم فاغسلوا) هذا خطابٌ لمن يُتَّهم بأنَّه عائن، فيجب عليه ذلك، ويُقضى عليه به إذا طُلِب منه ذلك، لا سيما إذا خيف على المعين الهلاك. وهذا الغسل هو الذي سمَّاه في بعض طرق حديث سهل بن حنيف: بالوضوء، وذلك: أن عامر بن ربيعة نظر إلى سهل متجرِّدًا فقال: ما رأيت كاليوم


(١) كذا في (ج) وفي بقية النسخ: ولو.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>