للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢١٥٣] وعَن أُمِّ قَيسٍ بِنتِ مِحصَنٍ أُختِ عُكَّاشَةَ قَالَت: دَخَلتُ بِابنٍ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَم يَأكُل الطَّعَامَ، فَبَالَ عَلَيهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ. قَالَت: وَدَخَلتُ عَلَيهِ بِابنٍ لِي قَد أَعلَقتُ عَلَيهِ مِن العُذرَةِ فَقَالَ:

ــ

الدَّواء، فخالفوه، فعاقبهم بأن اقتص منهم، ففعل بهم ما فعلوا به، فكان فيه دليل على مشروعية القصاص في كل شيء يتأتى فيه القصاص، كما قال تعالى: {فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدَى عَلَيكُم}

وقال بعض أصحابنا: فيه ما يدلّ على قتل الجماعة بالواحد؛ لأنَّهم لما تمالؤوا وتعاونوا على لده اقتصَّ من جميعهم - وفيه بُعدٌ لإمكان مراعاة الفرق، فإنَّه يمكن أن يقال: جاز ذلك فيما لا إراقة دم فيه لخفته في مقصود الشرع، ولا يجوز ذلك في الدِّماء لحرمتها وعظم أمرها في مقصود الشرع، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر، وإنَّما الذي يستنبط منه أن الحاضر في الجناية المعين عليها كالناظور الذي هو الطليعة كالمباشر له، فيقتص من الكل، لكن فيما لا دم فيه على ما قررناه، وقد نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا المعنى بقوله إلا العباس فإنَّه لم يشهدكم.

وفيه من الفقه منع إكراه المريض على الطعام والشراب والدواء، كما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإنَّ الله تعالى يغذيهم (١).

وقول أم قيس دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة، كذا وقع هذا اللفظ في كتاب مسلم أعلقت عليه بلا خلاف فيه، ووقع في البخاري باختلاف؛ ففي رواية معمر وغيره كما في كتاب مسلم، وفي رواية سفيان بن عيينة أعلقت عنه، قال الخطابي: وهو الصواب - وإلى ذلك أشار ابن الأعرابي.

والعذرة وجع الحلق، فخافت أن يكون به ذلك، فرفعت لهاته بأصبعها. وقال الأصمعي: العذرة قريبٌ من اللهاة. وفي البارع (٢): العذرة


(١) رواه الترمذي (٢٠٤٠)، وابن ماجه (٣٤٤٤).
(٢) هو كتاب من أوسع كتب اللغة، ألَّفه أبو علي القالي، المتوفى سنة (٣٥٦ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>