للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَصحَابُهُ - فَأَخبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَد وَقَعَ بِالشَّامِ.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ! فَدَعَوتُهُم فَاستَشَارَهُم، وَأَخبَرَهُم أَنَّ الوَبَاءَ قَد وَقَعَ بِالشَّامِ فَاختَلَفُوا؛ فَقَالَ بَعضُهُم: قَد خَرَجتَ لِأَمرٍ وَلَا نَرَى أَن تَرجِعَ عَنهُ. وَقَالَ بَعضُهُم: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَرَى أَن تُقدِمَهُم عَلَى هَذَا الوَبَاءِ. فَقَالَ: ارتَفِعُوا عَنِّي! ثُمَّ قَالَ: ادعُ لِي الأَنصَارَ! فَدَعَوتُهُم لَهُ، فَاستَشَارَهُم فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاختَلَفُوا كَاختِلَافِهِم، فَقَالَ: ارتَفِعُوا عَنِّي! ثُمَّ قَالَ: ادعُ

ــ

وسكونها، وهي قرية بتبوك - قاله ابن حبيب. قال ابن وضاح: بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة، وقيل: هي آخر عمل الحجاز.

ففيه بيانُ ما يجب على الإمام من تفقُّد أحوال رعيته ومباشرة ذلك بنفسه، والسفر إلى ذلك وإن طال.

والأمراء جمع أمير، وكان قد قسَّم الشام على أربعة أمراء، تحت كل واحدٍ منهم جند وناحية: أبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حَسَنة، ويزيد بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل - ثم لم يمت عمر حتى جمع الشام لمعاوية.

وفيه دليل على إباحة العمل والولاية لمن كانت له أهلية ذلك من العلم والصلاح إذا اعتقدوا أنهم متمكنون من العمل بالحق والقيام به، فإذا عملوا بذلك حصل لهم أجر أئمة العدل.

وقوله ادعُ لي المهاجرين الأولين! فاستشارهم دليلٌ على استشارة أولي العلم والفضائل (١) وتقديم أهل السوابق، وهذا من عمر - رضي الله عنه - عمل بقوله تعالى: {وَشَاوِرهُم فِي الأَمرِ} وقد استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه غير مرّة، وإن كان أكمل الناس عقلًا وأغزرهم علمًا، ولكن كان ذلك ليسنَّ ويطيب قلوب أصحابه.

والمهاجرون الأولون من صلَّى إلى


(١) في (م ٣): الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>