رواه أحمد (٢/ ٤٣٤)، والبخاريُّ (٥٧٧١)، ومسلم (٢٢٢١)(١٠٤)، وأبو داود (٣٩١١)، وابن ماجه (٣٥٤١).
* * *
ــ
وإذا كان الأمر بهذه المثابة (١) فالأولى بالإنسان ألا يقرب شيئًا يحتاج الإنسان فيه إلى هذه المكابدة ولا يتعرض فيه إلى هذا الخطر، والمتعرض لهذا الألم زاعمًا أنه يجاهد نفسه حتى يزيل عنها تلك الكراهة هو بمنزلة من أدخل على نفسه مرضًا إرادة علاجه حتى يزيله. ولا شك في نقص عقل من كان على هذا، وإنما الذي يليق بالعقلاء ويناسب تصرُّف الفضلاء أن يباعد أسباب الآلام ويجانب طرق الأوهام، ويجتهد في مجانبة ذلك بكل ممكن مع علمه بأنه لا ينجي حذر عن قدر، وبمجموع الأمرين وردت الشرائع وتوافقت على ذلك العقول والطبائع.
وأما سكوت أبي هريرة عن قوله لا عدوى وإيراد الحديث من غير لا يورد ممرض على مصح بعد أن حدَّث بمجموعهما فلا يصح أن يكون من باب النسخ كما قدَّره أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ لأنهما لا تعارض بينهما، إذ الجمع صحيحٌ كما قدَّمناه، بل الواجب أن يقال: إنهما خبران شرعيان عن أمرين مختلفين لا متعارضين؛ كخبر يتضمَّن حكما من أحكام الصلاة وآخر يتضمن حكمًا من أحكام الطهارة مثلًا. وقد بيَّنَّا وجه تباين الخبرين، وعلى هذا فسكوت أبي هريرة يحتمل أوجهًا؛