للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا تقبل قبول الرضا وتضعيف الأجر. لكنه إذا فعلها على شروطها الخاصة بها فقد برئت ذمّته من المطالبة بالصلاة وتُقصَى عن عهدة الخطاب بها، ويفوته قبول المرضي عنه وإكرامه وثوابه ويتضح ذلك باعتبار ملوك الأرض، ولله المثل الأعلى، وذلك أن المُهدِي إما مردودٌ عليه أو مقبول منه، والمقبول إما مقرَّب مُكرَّم مثاب وإما ليس كذلك، فالأول هو المبعدُ المطرود، والثاني هو المقبول القبول التام الكامل، والثالث لا يصدق عليه أنه مثل الأول فإنه لم تردَّ هديته، بل قد التفت إليه وقُبلت منه، لكنه لما لم يُثب ولم يُقرَّب صار كأنه غير مقبول منه، فيصدق عليه أنَّه لم يُقبل منه إذ لم يحصل له ثواب ولا إكرام.

وتخصيصه - صلى الله عليه وسلم - الأربعين بالذكر قد جاء في مواضع كثيرة من الشرع؛ منها: قوله في شارب الخمر لا تقبل له صلاة أربعين يومًا (١)، وقوله والذي نفسي بيده، إنه ليجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك (٢)، وقوله من أخلص لله أربعين ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (٣). ومنه قوله تعالى: {وَإِذ وَاعَدنَا مُوسَى أَربَعِينَ لَيلَةً} ومنه توقيته - صلى الله عليه وسلم - في قص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة ألا تترك أكثر من أربعين ليلة، فتخصيص هذه المواضع بهذا العدد الخاص هو سرٌّ من أسرار الشريعة لم يطلع عليه نصًّا، غير أنه قد تنسم منه بعضُ علمائنا أمرًا تسكن النفسُ إليه، وذلك أنه قال: إن هذا العدد في هذه المواضع إنما خصَّ بالذكر لأنَّه مدَّة يكمل فيها ما ضربت له، فينتقل إلى غيره ويحصل فيها تبدُّله وبيانه بانتقال أطوار الخلقة في كل أربعين منها يكمل فيها طور، فينتقل عند انتهائه إلى غيره،


(١) رواه النسائي (٨/ ٣١٦).
(٢) رواه أحمد (١/ ٣٨٢)، والبخاري (٦٥٩٤)، ومسلم (٢٦٤٣).
(٣) رواه ابن المبارك في الزهد (١٠١٤)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ١٨٩)، وانظر الترغيب والترهيب رقم (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>