فقال: موعدكم يوم بدر في العام المقبل. فأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض أصحابه أن يجيبه بنعم، فلمَّا كان العام المقبل - وهي السنة الرابعة من الهجرة -، خرج في شعبانها إلى بدر الثانية، فوصل إلى بدر، وأقام هناك ينتظر أبا سفيان، وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى بلغ عسفان. ثمَّ: إنهم غلبهم الخوف، فرجعوا، واعتذروا بأن العام عام جدب. وكان عذرًا محتاجًا إلى عذر، فأخزى الله المشركين، ونصر المؤمنين. ثمَّ إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزل منصورًا، وبما يفتح الله عليه مسرورًا، إلى أن أظهر الله تعالى دينه على الأديان، وأخمد كلمة الكفر والطغيان.
و(قول ابن عباس رضي الله عنهما: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة، فجعل يقول: إن جعل لي محمدٌ الأمر من بعده تبعته). مسيلمة هذا هو: ابن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن عثمان بن الحارث بن ذُهل بن الدول بن حنيفة. قال ابن إسحاق: وكان من شأنه: أنه تنبأ على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة عشر، وكان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ويزعم أنَّه شريك معه في نبوَّته. وقال سعيد بن المسيب: إنه كان قد تسمَّى بالرحمن قبل أن يولد عبد الله بن عبد المطلب - أبو النبي- صلى الله عليه وسلم - وأنَّه قتل وهو ابن خمسين ومائة سنة. قال سعيد بن جبير: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) قالت قريش: إنما يعني: مسيلمة. قال ابن إسحاق: وإنَّه تسارع إليه بنو حنيفة، وإنَّه بعث برجلين من قومه بكتاب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك، أما بعد: فإني أُشركت معك في الأمر، فلي نصف الأرض، ولك نصفها، ولكن قريش قومٌ لا يعدلون. فلمَّا قرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكتاب، قال للرَّسولين: ما تقولان