للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو الصحيح. قال الأصمعي: الأجادب من الأرض: ما لا ينبت الكلأ. ومعناه: أنها جردة بارزة لا يسترها شيء، وقد رواها بعضهم أجاذب - بالذال المعجمة -. وقال بعضهم: إنما هي أخاذات بالخاء والذال المعجمتين، جمع أخاذة، وهي الماسكة للماء، وقد قال بعضهم: أحازه - بالحاء المهملة والزاي - وليس بشيء. وبعضهم قالها: أجارد بالجيم والراء، جمع أجرد، وهو الذي لا نبات فيه.

قلت: والصحيح الواضح: الأول رواية ومعنى - إن شاء الله -، ومقصود هذا الحديث: ضرب مثل لما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العلم والدِّين، ولمن جاءهم بذلك، فشبَّه ما جاء به بالمطر العام الذي يأتي الناس في حال إشرافهم على الهلاك يحييهم، ويغيثهم. ثم شبَّه السامعين له: بالأرض المختلفة، فمنهم: العالم العامل المعلِّم (١)، فهذا بمنزلة الأرض الطيبة شربت، فانتفعت في نفسها، وأنبتت، فنفعت غيرها. ومنهم الجامع للعلم، الحافظ له، المستغرق لزمانه في جمعه ووعيه، غير أنه لم يتفرغ للعمل بنوافله، ولا ليتفقه فيما جمع، لكنه أدَّاه (٢) لغيره كما سمعه، فهذا بمنزلة الأرض الصَّلبة التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس بذلك الماء، فيشربون ويسقون، وهذا القسم: هو الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: نضَّر الله امرأً سمع مني حديثًا، فبلَّغه غيره، فربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامل فقه ليس بفقيه (٣). لا يقال: فتشبيه هذا القسم بهذه الأرض التي أمسكت على غيرها، ولم تشرب في نفسها يقتضي ألا تكون عملت بما لزمها من العلم ولا من الدِّين، ومن لم يقم بما وجب عليه من أمور الدِّين، فلا ينسب للعلماء، ولا للمسلمين، لأنَّا نقول: القيام بالواجبات ليس خاصًّا بالعلماء. بل: يستوي فيها العلماء


(١) في (م ٣) و (ز): المتعلم.
(٢) في أكثر النسخ: "ودَّاه" وما أثبتناه من (ز) و (م ٣).
(٣) رواه أحمد (١/ ٤٣٧)، والترمذي (٢٦٥٧)، وابن ماجه (٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>