للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالخَيرِ، وَكَانَ أَجوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ كَانَ يَلقَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنسَلِخَ، فَيَعرِضُ عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ

ــ

هذا هو المعلوم من خُلُقِه؟ فإنَّه ما سئل شيئًا فمنعه إذا كان مما يصح بذله وإعطاؤه.

و(قوله: وكان أجود ما يكون في رمضان) إنما كان ذلك لأوجه:

أحدها: رغبة في ثواب شهر رمضان، فإنَّ أعمال الخير فيه مضاعفة الأجر، وليعين الصائمين على صومهم، وليفطرهم، فيحصل له مثل أجورهم كما قال، ولأنه كان يلقى فيه جبريل لمدارسة القرآن، فكان يتجدد إيمانه، ويقينه، وتعلو مقاماته، وتظهر عليه بركاته، فيا له من لقاء ما أكرمه، ومن مشهد ما أعظمه! وقيل: إنما كانت عطاياه تكثر في رمضان، لأنَّه كان يقدَّم الصدقات بين يدي مناجاة الرسول (١) لقوله تعالى: {إِذَا نَاجَيتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجوَاكُم صَدَقَةً} وفيه بُعد، لأنه قد كان نسخ ذلك، ولاستبعاد دخول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ولبُعد دخول جبريل في قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيتُمُ الرَّسُولَ}

وأجود: قيل بالنصب على أنه خبر كان، وفيه بُعد، لأنَّه يلزم منه: أن يكون خبرها هو اسمها، وذلك: لا يصح إلا بتأويل بعيد، والرفع أولى، لأنَّه يكون مبتدأ مضافًا إلى المصدر، وخبره: في رمضان، وتقديره: أجود أكوانه في رمضان، ويعني بالأكوان: الأحوال، والله أعلم.

و(قوله: إن جبريل ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يلقاه في كل سنة في رمضان) يصلح الكسر في إن على الابتداء، والفتح فيه (٢) أولى، فيكون تعليلًا لجود النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رمضان، وكان هذا الوجه أولى. والله أعلم. ولا أذكر الآن كيف قيَّدتها على من قرأتُه عليه.


(١) أي: مناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - جبريلَ عليه السلام.
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>