وفي رواية: قال أنس: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين.
رواه مسلم (٢٣٠٩ و ٢٣١٠)(٥٤).
* * *
ــ
أنس في حال صغره، وعدم كمال تمييزه، إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه. وذلك: أنه حلف بالله على الامتناع من فعل ما أمره به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشافهة، وهو عازمٌ على فعله، فجمع بين مخالفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين الإخبار بامتناعه، والحلف بالله على نفي ذلك مع العزم على أنه كان يفعله، وفيه ما فيه، ومع ذلك فلم يلتفت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لشيء من ذلك، ولا عرَّج عليه، ولا أدبه. بل داعبه، وأخذ بقفاه، وهو يضحك رفقًا به، واستلطافًا له، ثم قال: يا أنيس! اذهب حيث أمرتك، فقال له: أنا أذهب. وهذا كله مقتضى خلقه الكريم، وحلمه العظيم.
وقد اختلفت الروايات في خدمة أنس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقيل: عشر. وقيل: تسع، وذلك بحسب اختلافهم في سَنَةِ مقدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة. فقال الزهري: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة وأنا ابن عشر، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة (١).
قلت: فعلى هذا خدمه عشر سنين، إن قلنا: أنه خدمه من أول مقدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة، ويحتمل أن تكون تأخرت خدمته عن ذلك سنة فتكون مدة