للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَمِيعًا، فَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَبلَ أَن يَجِيءَ مَالُ البَحرَينِ، فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكرٍ بَعدَهُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَن كَانَت لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَو دَينٌ فَليَأتِ، فَقُمتُ فَقُلتُ: إِنَّ نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَو جَاءَنَا مَالُ البَحرَينِ أَعطَيتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَحَثَى أَبُو بَكرٍ مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ لِي: عُدَّهَا، فَعَدَدتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمسُ مِائَةٍ، فَقَالَ: خُذ مِثلَيهَا.

رواه أحمد (٣/ ٣٠٧)، والبخاريُّ (٢٥٩٨)، ومسلم (٢٣١٤) (٦٠).

* * *

ــ

وهكذا وقال بيديه جميعًا، هذا يدلّ على سخاوة نفس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمال، وأنه ما كان لنفسه به تعلق، فإنَّه كان لا يعدُّه بعدد، ولا يقدره بمقدار، لا عند أخذه، ولا عند بذله. وهذا منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان وعدًا لجابر ـ رضي الله عنه ـ، وكان المعلوم من خلقه الوفاء بالوعد، ولذلك نفذه له أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وهكذا كان خلق أبي بكر، وخلق الخلفاء الأربعة ـ رضي الله عنهم ـ، ألا ترى أبا بكر كيف نفذ عدة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لجابر بقول جابر، ثم إنه دفعها له على نحو ما قال من غير تقدير؟ ! وأخبارهم في ذلك معروفة، وأحوالهم موصوفة، وكفى بذلك ما سار مسير المثل (١) الذي لم يزل يجري على قول علي ـ رضي الله عنه ـ: يا صفراء ويا بيضاء غري غيري.

* * *


(١) في (ز) و (م ٣): ما صار مصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>