ذكرياتِه واعترافاته، وعلى الرغم من موضوعيته الحازمة وانصرافه الجَادِّ إلى شرح ما أشكلَ من تلخيص صحيح مسلم؛ فإننا أمسكنا بشيء قليل من ملامح محدَّدة عن بعض مواقفه وآرائه:
أ - هو أشعريٌّ في اعتقاده، لا يقولُ بالعلوِّ، ويَرى التأويلَ في صفات الله تعالى.
ب - ومالكيٌّ متضلِّع في مذهب الإمام مالك، ومستحضرٌ لأقواله وأدلته، ولكنه يقفُ في بعض الأحيان مع الدليل، ويُصرِّح بمعارضته لمالك فيما ذهب إليه، لأن الحجَّةَ مع الشافعيِّ، أو مع أصحاب الحديث.
جـ - وعالم عامل وملتزمٌ بأحكام الشريعة، يعرفُ الله تعالى ويعبده في ضوء هدي كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ويُشرعُ قلمَه كالسَّيف الصَّارم في وجوه أصحاب الشَّطْح والمَخْرقة من أدعياء الصوفية، وقد كثر أمثالُ هؤلاء في المغرب، فقيَّضَ الله من المغرب نفسه علماءَ أفذاذًا يُنافحون عن هذا الدين، ويُعيدون له صفاءَه وجِدَّته:
١ - فهو ينعي على جُهَّال العَوامِّ والمبتدعة زعيقَهم وزفيرَهم وشهيقَهم، واصفًا ذلك بأنه يُشبه نهيقَ الحمير. وذلك، لأنهم لم يُدركوا حقيقةَ الوجد والخشوع عند ذكر الله تعالى.
٢ - ويعيبُ على الذين إذا سمعوا القرآنَ صاحوا صيحاتٍ غير متزنة، مدَّعِين الخشوعَ والتأثر، ظانِّين أنهم يقتدون بذلك ببعض الصحابة الكرام والعلماء الأفاضل. ويقول:"أين الدرُّ من الصَّدَف؟ ! والمِسْك من الجيف؟ ! هيهات قياس الملائكة بالحدَّادين، والمحقِّقين بالممخرِقين! ! ".
٣ - ويصبُّ جامَ غضبه على من يدّعي أن الأحكام والتكاليف الموجودة في القرآن والسُّنَّة إنما هي للعوام! أما الخواصُّ الأصفياءُ؛ فهؤلاء فوقَ التكليف،