للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: أَربَعِينَ بُعِثَ لَهَا خَمسَ عَشرَةَ بِمَكَّةَ يَأمَنُ وَيَخَافُ وَعَشرا مُهَاجَره إِلَى المَدِينَةِ.

وفي أخرى: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ خَمسَ عَشرَةَ سَنَةً يَسمَعُ الصَّوتَ، وَيَرَى الضَّوءَ سَبعَ سِنِينَ، وَلَا يَرَى شَيئًا، وَثَمَانَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيهِ، وَأَقَامَ بِالمَدِينَةِ عَشرًا.

رواه أحمد (١/ ٢١٥)، ومسلم (٢٣٥٣) (١٢١ و ١٢٢ و ١٢٣).

ــ

و(قول ابن عباس رضي الله عنهما: خمس عشرة سنة، يأمن، ويخاف) يعني: أنه كان في تلك الحال غير مستقل لإظهار أمره، فكان إذا أخفى أمره تركوه، فأمن على نفسه، وإذا أعلن أمره وأفشاه، بأن يدعوهم إلى الله، ويفتح عليهم، تكالبوا عليه، وهمُّوا بقتله، فيخاف على نفسه إلى أن أخبره الله تعالى بعصمته منهم، فلم يكن يبالي بهم كما قدمناه.

و(قوله: يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين) أي: أصوات الملائكة والجمادات والحجارة، فيسلمون عليه بالرسالة، كما خرَّجه الترمذي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل، ولا شجر، إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله. قال: هذا حديث حسن غريب (١). ويعني بالضوء: نور الملائكة، ويحتمل أن يكون أنوارًا تنوِّر بين يديه في أوقات الظلمة، يحجب عنها غيره. ولذلك نقل: أنه كان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار، ويعني: أن هذه الحالة ثبتت عليه سبع سنين، ثم بعد ذلك أوحى الله إليه، أي: جاءه الوحي، وشافهه بالخطاب ثماني سنين، وعلى هذا: فكمل له بمكة خمس عشرة سنة.


(١) رواه الترمذي (٣٦٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>