للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١١٣] وعَنه، قَالَ: كُنَّا عِندَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُم سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَذكُرُ الفِتَنَ؟ فَقَالَ قَومٌ: نَحنُ سَمِعنَاهُ، فَقَالَ: لَعَلَّكُم تَعنُونَ فِتنَةَ الرَّجُلِ فِي أهلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَل، قَالَ: تِلكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِن أَيُّكُم سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَذكُرُ الفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوجَ البَحرِ؟ قَالَ حُذَيفَةُ: فَأَسكَتَ القَومُ، فَقُلتُ: أَنَا، قَالَ: أَنتَ؟ للهِ أَبُوكَ! قَالَ حُذَيفَةُ: سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: تُعرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا،

ــ

عندها؛ كما قال الله تعالى: إِنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولَادُكُم فِتنَةٌ أي: مِحنَةٌ تُمتَحَنُونَ بها حتى يَظهَرَ منكم ما هو خَفِيٌّ عمَّن يُشكِلُ عليه أمركم.

وأَجَل بمعنى: نَعَم. وتَمُوجُ مَوجَ البَحرِ أي: تَضطرِبُ ويدفعُ بعضُها بعضًا، وكُلُّ شيءٍ اضطرَبَ: فقد ماج؛ ومنه: وَتَرَكنَا بَعضَهُم يَومَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعضٍ. وأَسكَتَ القَومُ أي: أَطرَقوا؛ قال الأصمعيُّ: سكَتَ القومُ: صَمَتُوا، وأَسكَتوا: أَطرَقوا، وقال أبو عليٍّ البغداديُّ وغيره: سكَتَ وأسكَتَ، بمعنى: صَمَتَ.

قال الهرويُّ: ويكونُ سكَتَ بمعنى سكَنَ؛ ومنه: وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُوسَى الغَضَبُ وبمعنى انقطَعَ؛ تقول العرب: جرى الوادي ثلاثًا، ثم سكَتَ، أي: انقطَعَ، ويقال: هو السُّكُوتُ والسُّكَاتُ، وسكَتَ يَسكُتُ سَكتًا وسُكُوتًا وسُكَاتًا.

و(قوله: كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا) قيد (١) ثلاثُ تقييدات، قيَّده القاضي الشَّهِيد: بفتح العينِ المهملة والذالِ المعجمة. وقيَّده أبو بحر سفيانُ بن العاصي: بضمِّ العين ودالِ المهملة. واختار أبو الحُسَينِ بنُ سِرَاجٍ: فَتحَ العينِ والدالِ المهملة. فمعنى التقييدِ الأوَّل: سؤالُ الإعاذة؛ كما يقال: غَفرًا غَفرًا، أي: اللهمَّ اغفِر، اللهم اغفر.

وأما التقييد الثاني، فمعناه: أنَّ الفتن تتوالَى واحدةً بعد أخرى؛ كَنَسج


(١) في (ع) و (ل): فيه، والمثبت من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>