للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٢٩٨] وعن عَائِشَةَ وَسُئِلَت: مَن كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُستَخلِفًا لَو استَخلَفَ؟ قَالَت: أَبُو بَكرٍ،

ــ

أنَّه وقع، ولا بدَّ من وقوعه.

وقد قيده بعض اللغويين بسكون الباء، وليست برواية صحيحة، ولكن اختلف في معنى ذلك على أقوال يطول ذكرها، ولا معنى لأكثرها، وأشبه ما قيل في ذلك، ما حكاه الحربي: أن سكون الباء لغة فيه، وقرأ الحسن: (وما أكل السَّبعُ) بسكونها.

و(قول السائل لعائشة - رضي الله عنها -: من كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستخلفًا لو استخلف؟ ) يدلّ على: أن من المعلوم عندهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يستخلف أحدًا، وكذلك قال عمر ـ رضي الله عنه ـ لما طعن، وقيل له: ألا تستخلف؟ فقال: إن أتركهم؛ فقد تركهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإن أستخلف فقد استخلف أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ، وهذا بمحضر من الصحابة، وعلي والعباس ـ رضي الله عنهم ـ ولم ينكر أحدٌ منهم على عمر، ولا ذكر أحدٌ من الناس نصًّا باستخلاف (١) على أحد، فكان ذلك دليلًا على كذب من ادَّعى شيئًا من ذلك، إذ العادات تحيل أن يكون عندهم نصٌّ على أحد في ذلك الأمر العظيم المهم، فيكتموه، مع تَصَلُّبِهم (٢) في الدِّين، وعدم تقيَّتهم، فإنَّهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم، وكذلك اتفق لهم عند موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنَّهم اجتمعوا لذلك، وتفاوضوا فيه مفاوضة من لا يتقي شيئًا، ولا يخاف أحدًا، حتى قالت الأنصار: منا أمير، ومنكم أمير، ولم يذكر أحدٌ منهم نصًّا، ولا ادَّعى أحدٌ منهم أنه نصَّ عليه، ولو كان عندهم من ذلك شيء لكانوا هم أحق بمعرفته، ونقله، ولَمَا اختلفوا في شيء من ذلك. ومن العجب ألا يكون عند أحدٍ من هؤلاء نصٌّ على ذلك، ولا يذكره مع قرب العهد، وتوفر الدِّين والجدّ، ودعاء الحاجة الشديدة إلى ذلك، ويأتي بعدهم بأزمان متطاولة، وأوقات


(١) في (ع) و (م ٤): لاستخلاف.
(٢) في (م ٤): فضلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>