للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٣٠٠] وعَن عَائِشَةَ قَالَت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: ادعِي لِي أَبَا بَكرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَن يَتَمَنَّى

ــ

لكم أحد هذين الرَّجُلَين عمر وأبي عبيدة. وفي حق أبي عبيدة شهادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه أمين هذه الأمة، ولذلك قال عمر ـ رضي الله عنه ـ حين جعل الأمر شورى: لو أن أبا عبيدة حيٌّ لما تخالجني فيه شك، فلو سألني ربي عنه قلت: سمعت نبيك يقول: لكل أمة أمين، وأميننا - أيتها الأمة - أبو عبيدة بن الجراح (١)، ويفهم من قول عمر وعائشة: جواز انعقاد الخلافة للفاضل مع وجود الأفضل، فإنَّ عثمان وعليًّا - رضي الله عنهما - أفضل من أبي عبيدة ـ رضي الله عنه ـ بالاتفاق، ومع ذلك فقد حكما بصحَّة إمامته عليهما - أن لو كان حيًّا -.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، ومذهب الجمهور: أنها تنعقد له - أعني للمفضول - وخالف في ذلك: عباد بن سلمان، والجاحظ، فقالا: لا ينعقد للمفضول على الفاضل، ولا يعتد بخلافهما لما ذكرنا في الأصول، والصحيح: ما ذهب إليه الجمهور.

و(قوله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة: إن لم تجديني فائتي أبا بكر) زعم من لا تحقيق عنده من المتأخرين: أن هذا نصٌّ على خلافة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وليس كذلك، وإنَّما يتضمن الخبر عن أنَّه يكون هو الخليفة بعده، لكن بأي طريق تنعقد له؟ هل بالنصِّ عليه، أو بالاجتهاد؟ هذا هو المطلوب، ولم ينص عليه في الحديث، وكذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك حتى أكتب كتابًا. . . الحديث إلى قوله: يأبى الله والمؤمنون: إلا أبا بكر ليس نصًّا في استخلافه، وإنما يدل على إرادة استخلافه، ولم ينص عليه، ألا ترى أنه لم يكتب، ولم ينص.

والحاصل: أن هذه الأحاديث ليست نصوصًا في ذلك، لكنها ظواهر قوية إذا انضاف إليها استقراء ما في الشريعة مِمَّا يدلّ على ذلك المعنى علم استحقاقه


(١) رواه أحمد (٣/ ١٣٣)، والبخاري (٧٢٥٥)، ومسلم (٢٤١٩) (٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>