معروفة. وتأويله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اللبن بالعلم تأويل حسن ظاهر المناسبة، وذلك: أن اللبن غذاء مستطاب، به صلاح الأبدان، ونموها من أول فطرتها ونشوئها، خلا عن الأضرار والمفاسد. والعلم كذلك يحصل به صلاح الأديان والأبدان، ومنافع الدنيا والآخرة مع استطابته في نفسه. وقد يدل في التعبير على دوام الحياة، إذ به كانت. وقد يدلّ على الثواب، لأنَّه مذكور في أنهار الجنَّة.
و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: أريت أني أنزع في دلو بكرة على قليب) أنزع: أستقي. وأصل النزع: الجذب. والقليب: البئر غير المطويَّة، وهي التي عبر عنها في الرواية الأخرى بالحوض. والحوض: مجتمع الماء. والبكرة: الخشبة المستديرة التي تدور بالحبل.
و(قوله: فجاء أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين فنزع وفي نزعه ضعف، والله يغفر له) الذَّنوب: الدَّلو، والغرب أكبر منها.
و(قوله: ذنوبًا أو ذنوبين) هو شك من بعض الرُّواة، وقد جاء بغير شك: ذنوبين في الرواية الأخرى. وهي أحسن. وهذه الرُّؤيا هي مثال لما فتح الله تعالى على يدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويدي الخليفتين بعده من الإسلام والبلاد والفيء، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو مبدأ الأمر وممكَّن منه، وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بعده، غير أن مقدار ما فتح الله على يديه من بلاد الكفر قليل، لأن مدَّة خلافته كانت سنتين وثلاثة أشهر، اشتغل في معظمها بقتال أهل الرِّدَّة، ثم لما فرغ منها أخذ في قتال أهل الكفر، ففتح (١) في تلك المدَّة بعض العراق وبعض الشام، ثمَّ مات ـ رضي الله عنه ـ، ففتح الله على يدي عمر ـ رضي الله عنه ـ سائر