النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين العمرة، فأُرجف بأن قريشًا قتلته، فبايع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه بسبب ذلك.
وفي بقاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منكشف الفخذ حتى اطلع عليه أبو بكر وعمر دليلٌ على أن ليس بعورة، وقد تقدَّم الكلام فيه، وفيه دليل على جواز معاشرة كل واحد من الأصحاب بحسب حاله. ألا ترى انبساطه، واسترساله مع العمرين على الحالة التي كان عليها مع أهله، لم يُغيِّر منها شيئًا، ثم إنه لما دخل عثمان ـ رضي الله عنه ـ غيَّر تلك التي كان عليها، فغطى فخذيه، وتهيَّأ له، ثم لما سُئل عن ذلك، قال: إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال ألا يَبلُغ إليَّ في حاجته. وفي الرواية الأخرى: ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟ ! أي: حياء التوقير والإجلال، وتلك منقبة عظيمة، وخصوصيَّة شريفة ليست لغيره، أعرض قَتَلَةُ عثمان عنها، ولم يُعرِّجوا عليها.
و(قولها: دخل أبو بكر فلم تهتشَّ له، ولم تباله) يروى: تهتش بالتاء باثنتين من فوقها، ويروى بحذفها، وفتح الهاء، وهو من الهشاشة، وهي الخفة والاهتزاز والنشاط عند لقاء من يفرح بلقائه. يقال: هشَّ وبشَّ، وتبشبش: كلها بمعنى. ولم تباله، أي: لم تعتن بأمره، وأصله من البال، وهو الاحتفال بالشيء، والاعتناء به، والفكر فيه. يقول: جعلته من بالي وفكري، وهو المعبَّر عنه في الرواية الأخرى