للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَبَينَا نَحنُ كَذَلِكَ سَمِعنَا خَشخَشَةَ سِلَاحٍ فَقَالَ: مَن هَذَا؟ قَالَ: سَعدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: وَقَعَ فِي نَفسِي خَوفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَجِئتُ أَحرُسُهُ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَامَ.

رواه أحمد (٦/ ١٤١)، والبخاريُّ (٢٨٨٥)، ومسلم (٢٤١٠) (٣٩ و ٤٠)، والترمذي (٣٧٥٦)، والنسائي في الكبرى (٨٦٦٧).

ــ

قدومه على المدينة في ليلة من الليالي، فقال: ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة. قيل: كان هذا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول الأمر، قبل أن ينزل عليه: {وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}

قلت: ويحتمل أن يقال: إن قوله: {وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ليس فيه ما يناقض احتراسه من الناس، ولا ما يمنعه، كما أن إخبار الله تعالى عن نصره، وإظهاره لدينه ليس فيه ما يمنع الأمر بالقتال، وإعداد العَدَد والعُدَد، والأخذ بالجد والحزم، والحذر، وسر ذلك: أن هذه أخبار عن عاقب الحال، ومآله، لكن هل تحصل تلك العاقبة عن سبب معتاد، أو غير سبب؟ لم يتعرض ذلك الأخبار له، فليبحث عنه في موضع آخر، ولما بحثت عن ذلك وجدت الشريعة طافحة بالأمر له ولغيره بالتحصن، وأخذ الحذر، ومدافعتهم بالقتل والقتال، وإعداد الأسلحة والآلات، وقد عمل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك، وأخذ به، فلا تعارض في ذلك، والله الموفق لفهم ما هنالك.

وخشخشة السَّلاح وقعقعته: صوت ضرب بعضه في بعض.

و(قول سعد: وقع في نفسي خوف على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجئت أحرسه) دليل على مكانة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكرامته على الله، فإنَّه قضى أمنيته، وحقق في الحين طِلبَته. وفيه دليل على أن سعدًا ـ رضي الله عنه ـ من عباد الله الصالحين المحدَّثين الملهمين، وتخصيصه بهذه الحالة كلها، وبدعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ له من أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>