للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألَّا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَأكُلَ، وَلَا تَشرَبَ قَالَت: زَعَمتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيكَ وَأَنَا أُمُّكَ وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَت ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيهَا مِن الجَهدِ - وفي رواية قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها بعصى ثم أوجروها - فَقَامَ ابنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ فَسَقَاهَا، فَجَعَلَت تَدعُو عَلَى سَعدٍ فَأَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي القُرآنِ هَذِهِ الآيَةَ: {وَوَصَّينَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيهِ حُسنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشرِكَ بِي} وَفِيهَا: {فَلا تُطِعهُمَا وَصَاحِبهُمَا فِي الدُّنيَا مَعرُوفًا}

قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَةً عَظِيمَةً، فَإِذَا فِيهَا سَيفٌ فَأَخَذتُهُ، فَأَتَيتُ بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقُلتُ: نَفِّلنِي هَذَا السَّيفَ، فَأَنَا مَن قَد عَلِمتَ حَالَهُ، فَقَالَ: رُدُّهُ مِن حَيثُ أَخَذتَهُ، فَانطَلَقتُ حَتَّى إِذَا أَرَدتُ أَن

ــ

و(قوله: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها بعصا، ثم أوجروها) - بالشين والجيم -، أي: فتحوا فمها، وأدخلوا فيه العصا، لئلا تغلقه حتى يوجروها الغذاء. والوَجُور: - بفتح الواو - ما يُصَبُّ في وسط الفم، واللَّدود - بفتح اللام -: ما يُصَبُّ من جانب الفم. ويقال: وجرته، وأوجرته - ثلاثيًّا ورباعيًّا - وقد رواه بعضُهم: شحُّوا فاها - بحاء مهملة، وواو من غير راء - وهو قريب من الأول، أي: وسَّعوه بالفتح، والشحو: التوسع في المشي، والدابة الشحواء: الواسعة الخطو. ويقال: شحا فاه، وشحا فوه - معدًى ولازمًا -، أي: فتحه، ووصية الله تعالى بمبرَّة الوالدين المشركين، والإحسان إليهما وإن كانا كافرين، وحريصين على حمل الولد على الكفر. ويدلُّ دلالةً قاطعة على عظيم حرمة الآباء، وتأكُد حقوقهم.

و(قوله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشرِكَ بِي مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُمَا} أي: إن حاولاك (١) على الشرك والكفر، فلا تطعهما، وإن بالغا في


(١) في (ز) و (م ٣): جادلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>