رواه مسلم (٢٤١٣)(٤٦)، والنسائي في الكبرى (١١١٦٣)، وابن ماجه (٤١٢٨).
* * *
ــ
الله تعالى:{وَلا تَطرُدِ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ} فنهاه عما همَّ به من الطرد، لا أنه أوقع الطرد، ووصف أولئك بأحسن أوصافهم، وأمره أن يصبر نفسه معهم بقوله:{وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رآهم بعد ذلك يقول: مرحبًا بقوم عاتبني الله فيهم (١)، وإذا جالسهم لم يقم عنهم حتى يكونوا هم الذين يبدؤون حوله بالقيام.
و(قوله:{يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ}، قيل معناه: يدعون ربهم بالغداة بطلب التوفيق والتيسير، وبالعشي: قيل معناه: بطلب العفو عن التقصير، وقيل معناه: يذكرون الله بعد صلاة الصبح، وصلاة العصر. وقيل: يصلون الصبح والعصر، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يصلون الصلوات الخمس، وقال يحيى بن أبي كثير: هي مجالس الفقه بالغداة والعشي، وقيل يعني به: دوام أعمالهم وعباداتهم، وإنَّما خصَّ طرفي النهار بالذكر؛ لأنَّ من عمل في وقت الشغل كان في وقت الفراغ من الشغل أعمل.
و(قوله:{يُرِيدُونَ وَجهَهُ} أي: يخلصون في عباداتهم وأعمالهم لله تعالى. ويتوجهون إليه بذلك لا لغيره، ويصح أن يقال: يقصدون بأعمالهم رؤية وجهه الكريم، أي: وجوده المنزه المقدس عن صفات المخلوقين.
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٨١) وعزاه لابن جرير والطبراني وابن مردويه بلفظ: "الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم".