للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٣٢٧] وعن أَنَس بن مالك قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا - أَيَّتُهَا الأُمَّةُ - أَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.

ــ

والجراح، وربما كان فيهم المثقل بالجراح لا يستطيع المشي، ولا يجد مركوبًا، فربما يحمل على الأعناق، كل ذلك امتثالٌ لأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورغبة في الجهاد والشهادة حتى وصلوا إلى حمراء الأسد، فلقيهم نعيم بن مسعود، فأخبرهم: أن أبا سفيان بن حرب، ومن معه من قريش قد جمعوا جموعهم، وأجمعوا رأيهم على أن يرجعوا إلى المدينة، فيستأصلوا أهلها، فقالوا ما أخبرنا الله به عنهم: {حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ} وبينا قريش قد أجمعوا على ذلك، إذ جاءهم معبد الخزاعي، وكانت خزاعة حلفاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعيبة نُصحه، وكان قد رأى حال أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما هم عليه، ولما رأى عزم قريش على الرجوع، واستئصال أهل المدينة حمله خوف ذلك، وخالص نصحه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه على أن خوَّف قريشًا بأن قال لهم: إني قد تركت محمدًا وأصحابه بحمراء الأسد في جيش عظيم، قد اجتمع له كل من تخلف عنه، وهم قد تحرَّقوا عليكم، وكأنهم قد أدركوكم، فالنجاء النجاء، وأنشدهم شعرًا (١)، يعظِّم فيه جيش محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويكثرهم، وهو مذكور في كتب السير، فقذف الله في قلوبهم الرُّعب، ورجعوا إلى مكة مسرعين خائفين، ورجع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أصحابه إلى المدينة مأجورًا منصورًا، كما قال تعالى: {فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ} وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم} يعني به نعيم بن مسعود الذي خوَّف أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقوله: {إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم} يعني به: قريشًا.

و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن لكل أمة أمينًا وأميننا - أيتها الأمة - أبو عبيدة بن الجراح) الأمانة: ضد الخيانة، وهي عبارة عن: قوَّة الرجل على القيام بحفظ ما يوكل إلى


(١) انظر السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>