وقد قيَّده بعضهم اللهُ اللهُ بالرفع على الابتداء وحذف الخبر، وفيه بُعد. ولا يعارض هذا قوله - عليه الصلاة والسلام -: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة (١)؛ لأنّ هذه الطائفة يقاتلون الدجّال ويجتمعون بعيسى - عليه السلام -، ثمّ لا يزالون على ذلك إلى أن يقبضهم الله بالريح اليمانية التي لا تُبقِي مؤمنا إلا قبضَته، فيبقى شرارُ الخلق بعدهم ليس فيهم من يقول: الله الله، يتهارجون تهارُج الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة، على ما يأتي في كتاب الفتن.
و(قوله: أَحصُوا لي كَم يلفظ الإسلام) أي: عدّوا لي، ومنه: وَأَحصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا. وأصل اللفظ الرمي، ومنه: لفظه البحر، أي: رماه، وعداه بنفسه لما حذف الباء في رواية، وفي أخرى بثبوت الباء؛ لأنه محمول على تكلّم المتعدي بحرف الجرّ، فكأنه قال: عُدُّوا لي كم يتكلم بالإسلام.
و(قول حذيفة: فابتُلِينَا حتّى جعل الرجل منّا لا يصلّي إلا سرًا) يعني بذلك - والله أعلم - ما جرى لهم في أوّل الإسلام بمكة حين كان المشركون يُؤذُونهم، ويمنعونهم من إظهار صلاتهم، حتى كانوا يُصلّون سرًّا.