هالة فأكرمها وأحسن إليها. والنَّصب على إضمار فعل، أي: أَكرِم هالة واحفظها، وما أشبه ذلك من التقدير الذي يليقُ بالمعنى.
و(قول عائشة - رضي الله عنها -: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش. . . الحديث، قولٌ أخرجه من عائشة فرط الغيرة، وخِفَّة الشباب، والدَّلال، ولذلك لم ينكر عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئًا مما قالت، وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث: أن الغَيرى لا تُؤاخذ بما يصدرُ عنها في حال غيرتها، وليس ذلك أخذًا صحيحًا، لأنَّ الغيرة هنا جزءُ السَّبب، لا كل السَّبب، وذلك أن عائشة - رضي الله عنها - اجتمع فيها تلك الأمور الثلاثة: الغيرة والشباب - ولعل ذلك كان قبل بلوغها - والدَّلال، وذلك أنها: كانت أحب نسائه إليه بعد خديجة، فإحالة الصَّفح عنها على بعض هذه الأمور تحكُّم، لا يقال: إنما يصحُّ إسناد الصَّفح إلى الغيرة، لأنَّها هي التي نصَّت عليها عائشة فقالت: فغرت، لأنَّا نقول: لو سلمنا أن غيرتها وحدها أخرجت منها ذلك القول لما لزم أن تكون غيرتها وحدها هي الموجبة للصفح عنها، بل يحتمل: أن تكون الغيرة وحدها، ويحتمل أن تعتبر باقي الأوصاف، لا سيما ولم ينص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المسقط ما هو، فبقي الأمر محتملًا للأمرين، فلا تكون فيه حجَّة على ذلك، والله تعالى أعلم.
و(قولها: حمراء الشِّدقين) قيل معناه: أنها بيضاء الشدقين، والعرب تسمي الأبيض: أحمر، كراهة في اسم البياض، لأنَّه يشبه البرص، وهذا كما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعائشة: يا حميراء! لا تأكلي الطين فإنَّه يذهب بهاء الوجه (١) يعني: يا بيضاء.
(١) ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (٣/ ٣٣). وفيه يحيى بن هاشم. قال يحيى: هو =