للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٣٤٧] وعنها قَالَت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعلَمُ إِذَا كُنتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنتِ عَلَيَّ غَضبَى، قَالَت: فَقُلتُ: وَمِن أَينَ تَعرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا كُنتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! وَإِذَا كُنتِ غَضبَى قُلتِ: لَا وَرَبِّ إِبرَاهِيمَ، قَالَت: قُلتُ: أَجَل وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهجُرُ إِلَّا اسمَكَ.

ــ

محققًا له، لكنه أتى به على صورة الشك، وهو غير مراد، كما قال الشاعر:

أيا ظَبيَة الوَعساءِ بَينَ حَلاحِل ... وبَينَ النَّقا آنتِ أَم أُمُّ سَالِمِ؟

وهذا نوع من أنواع البلاغة معروف عند أهلها يسمى: تجاهل العارف، وقد سُمِّي مزج الشك باليقين، ونحو منه قوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ فَاسأَلِ الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبلِكَ} وقوله تعالى: {وَإِن أَدرِي لَعَلَّهُ فِتنَةٌ لَكُم وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشك في شيء من ذلك، لكن أتى به على التقدير لا التحقيق.

و(قوله: فإذا هي أنت) أي: إنه رآها في النوم كما رآها في اليقظة، فكان المراد بالرؤيا ظاهرها.

و(قوله: إني لأعلم إذا كنت عليَّ راضية، وإذا كنت علي غضبى) غضب عائشة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأسباب التي ذكرناها في حديث خديجة، أو لبعضها، والغالب: أنها كانت للغيرة التي لا تتمالك المرأة فيها (١).

قال القاضي عياض: يعفى عن النساء في كثير من الأحكام لأجل الغيرة، حتى قد ذهب مالك وغيره من علماء المدينة إلى إسقاط الحد عن المرأة إذا رمت زوجها بالزنى.

و(قولها: أجل والله! ما أهجر إلا اسمك) أجل: يعني: نعم. وتعني بذلك


(١) في (م ٤): معها.

<<  <  ج: ص:  >  >>