للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِعَائِشَةَ: أَلَا تَركَبِينَ اللَّيلَةَ بَعِيرِي وَأَركَبُ بَعِيرَكِ فَتَنظُرِينَ وَأَنظُرُ؟ قَالَت: بَلَى، فَرَكِبَت عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفصَةَ، وَرَكِبَت حَفصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ،

ــ

معها، فيحتمل أن هذا القدر [لا يجب القسم فيه، إذ الطريق ليس محلَّ خَلوة، ولا يحصل لها به اختصاص، ويحتمل أن يقال: إن القدر] (١) الذي يقع به التسامح من السير والحديث مع إحداهما هو الشيء اليسير، كما يفعل في الحضر، فإنَّه يتحدث ويسأل وينظر في مصلحة بيت التي لا يكون في يومها، ولكن لا يُكثر من ذلك، ولا يُطيله، وعلى هذا فيكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما أدام ذلك، لأنَّ أصل القسم لم يكن عليه واجبًا، والله أعلم.

ولم يختلف الفقهاء في أن الحاضرة لا تحاسب المسافرة فيما مضى لها مع زوجها في السفر، وكذلك لا يختلفون في: أنه يقسم بين الزوجات في السفر كما يقسم بينهن في الحضر. وقد ذكرنا الاحتمال الذي في السير والحديث، وقول حفصة لعائشة رضي الله عنهما: ألا تركبين بعيري، وأركب بعيرك فتنظرين وأنظر. حيلة منها تمت لها على عائشة لصغر سنِّ عائشة، وسلامة صدرها عن المكر والحيل، إذ لم تجرب الأمور بعد، ولا دَرك (٢) على حفصة فيما فعلت من جهة أنها أخذت حقًّا هو لعائشة، لأنَّ السير والحديث، إن لم يدخل في القسم فهي وعائشة فيه سواء، فأرادت حفصة أن يكون لها حظ من الحديث والسير معه، وإن كان ذلك واجبًا فقد توصلت إلى ما كان لها، وإنَّما يكون عليها الدَرك من حيث إنها خالفت مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديثه، فقد يريد أن يحدِّث عائشة حديثًا يُسِرُّ به إليها، أو يختص بها فتسمعه حفصة، وهذا لا يجوز بالاتفاق، لكن حملها على اقتحام ذلك الغيرة التي تورث صاحبها الدَّهَشَ والحَيرة.


(١) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(٢) أي: لا تبعة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>