للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَارِيَةُ أَبِي زَرعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنقِيثًا، وَلَا تَملَأُ بَيتَنَا تَعشِيشًا،

ــ

أَمِن دِمِنتين عرَّج الركبُ فيهما ... بحقل الرُّخامى قد عفا طللاهُما

أقامَت عَلَى رَبعَيهِما جارَتا صَفًا ... كُميتا الأعالي جونتا مصطلاهما

وقد تعسَّف المانع في تأويل هذا السماع بما تمجُّه الأسماع، ولتفصيل ذلك مبسوطات النحو، ومن تمسك بالسماع فرد حجَّته لا يستطاع.

و(قولها: لا تبثُّ حديثنا تبثيثًا) يُروى بالباء بواحدة، من البث: وهو الإظهار والإشاعة، فتصفها بكتمان ما تسمعه من الحديث، وهذا يدلّ على عقلها، وأمانتها، ويُروى بالنون، وهو بمعنى الأول. يقال: نثَّ الحديث إذا أنثاه، وفي الصحاح: بث الخبر، وأبثه: إذا أفشاه، ونثَّه بالنون ينثّه بالضم كذلك، وأنشد:

إذا جاوَزَ الاثنين سرٌّ فإنَّهُ ... بِنَثٍّ وتكثِيرِ الوُشَاةِ قَمينُ

و(قولها: ولا تنقَّث ميرتنا تنقيثًا) أصل التنقيث: الإسراع. يقال: خرجت أنقث - بالضم -، أي: أسرع السير، وكذلك أنتقث. والميرة: ما يمتار من موضع إلى موضع من الأطعمة، وأرادت: أنها أمينةٌ على حفظ طعامنا وحافظة له.

و(قولها: ولا تملأ بيتنا تعشيشًا) يُروى هذا بالعين المهملة والمعجمة، فعلى المهملة فسَّره الخطابي بأنها لا تفسد الطعام المخبوز، بل تتعهده بأن تطعمنا منه أولًا فأولًا، وتلاه على هذا التفسير المازري، وهذا إنما يتمشَّى على رواية من رواه: ولا تفسد ميرتنا تعشيشًا. وأما على رواية ما صح هنا من قولها: ولا تملأ، فلا يستقيم، وإنَّما معناه: أنها تتعهَّد بيتها بالنظافة والكَنس، ولا تترك كناسة في البيت، حتى يصير كعش الطائر، وأما رواية الغين المعجمة فهو من الغش والخيانة، أي: لا تخوننا في شيء من ذلك، ولا تترك النصيحة في صنعة. والأوطاب: جمع وطب، وهو من الجموع النادرة، فإنَّ فَعلًا في الصحيح قياسه

<<  <  ج: ص:  >  >>