نعشُها في الإسلام، وذلك أنها لما احتضرت قالت لأسماء بنت عُميس: إني قد استقبحتُ ما يُفعَلُ بالنساء، إنه يُطرَحُ على المرأة الثوبُ يصفها، فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله! ألا أريكِ شيئًا رأيتُه في الحبشة؟ ! فدعت بجرائد رطبةٍ، فَحَنَتها، ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله، تُعرف به المرأة من الرجل، فإذا أنا مِتُّ، فاغسليني أنت وعليٌّ، ولا تُدخلي أحدًا. فلما توفيت جاءت عائشة لتدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر فقالت: إن هذه الخثعمية (١) تحول بيننا وبين بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد جعلت لها مثل هودج العروس، فجاء أبو بكر فوقف على الباب، فقال: يا أسماء! ما حَمَلَكِ على أن منعت أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدخلن على بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني ألَاّ يدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعتُ، فأمرتني أن أصنع ذلك بها. قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ: اصنعي ما أمرتك، ثم انصرف. وغسَّلها عليٌّ، وأشارت أن يدفنها ليلًا، وصلَّى عليها العباس، ونزل في قبرها هو وعلي والفضل، وتوفيت وهي بنت ثلاثين سنة، وقيل: بنت خمس وثلاثين.
و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها) البضعة - بفتح الباء -: القطعة من اللحم، وتجمع بضاع، كقصعة وقصاع، وهي مأخوذة من البضع، وهو القطع، وقد سَمَّاها في الرواية الأخرى: مُضغَة، وهي قَدرُ ما يمضغها الماضغ، ويعني بذلك: أنَّها كالجزء منه يؤلمه ما آلمها. ويريبني ما رابها: أي يشق علي ويؤلمني. يقال: رابني فلان: إذا رأيت منه ما تكرهه - ثلاثيًّا - والاسم منه: الرِّيبة.