وإنها والله لَا تَجتَمِعُ بِنتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنتُ عَدُوِّ اللَّهِ عند رجل واحد أبدا. قال: فترك علي الخطبة.
رواه أحمد (٤/ ٣٢٨)، والبخاريّ (٥٢٣٠)، ومسلم (٢٤٤٩)(٩٣ - ٩٦)، وأبو داود (٢٠٧١)، والترمذيُّ (٣٨٦٧)، وابن ماجه (١٩٩٨).
ــ
كما أوضحناه في الأصول.
ويفيد هذا: أن حكم الله على عليٍّ، وعلى غيره التخيير في نكاح ما طاب له من النساء إلى الأربع، ولكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما منع عليًّا من ذلك لما خاف على ابنته من المفسدة في دينها من ضرر عداوةٍ تَسري إليها، فتتأذى في نفسها، فيتأذى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسببها، وأذى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرام، فيحرم ما يؤدي إليه. ففيه القول بسد الذرائع، وإعمال المصالح، وأن حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم من حرمة غيره، وتظهر فائدة ذلك: بأن من فعل مِنَّا فعلا يجوز له فعله لا يمنع منه، وإن تأذى بذلك الفعل غيره، وليس ذلك حالنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل يحرم علينا مطلقًا فعل كل شيء يتأذى به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن كان في أصله مباحًا، لكنه إن أدَّى إلى أذى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ارتفعت الإباحة، ولزم التحريم.
وفيه: ما يدلّ على جواز غضب الرَّجل لابنته وولده وحرمه، وعلى الحرص في دفع ما يؤدي لضررهم، إذا كان ذلك بوجه جائز.
وفيه ما يدلّ على جواز خطبة الإمام الناس وجمعهم لأمر يحدث.
و(قوله: والله لا تجتمع ابنة نبي الله وابنة عدوِّ الله عند رجل واحد أبدًا) دليل على أن الأصل أن ولد الحبيب حبيب، وولد العدو عدوّ، إلى أن يتيقن خلاف ذلك، وقد استنبط بعض الفقهاء من هذا منع نكاح الأَمَة على الحرَّة، وليس بصحيح، لأنَّه يلزم منه منع نكاح الحرَّة الكتابية على المسلمة، ومنع نكاح ابنة المرتد على من ليس أبوها كذلك، ولا قائل به فيما أعلم. فدلَّ ذلك على أن ذلك الحكم مخصوص بابنة أبي جهل وفاطمة رضي الله عنها.
و(قوله: فترك عليٌّ الخطبة) يعني: لابنة أبي جهل وغيرها، ولم يتزوَّج عليها، ولا تسرَّى حتى ماتت رضي الله عنها.