السوقَ، وفعل الشيطان بأهلها ونيله منهم بما يحملهم عليه من المكر، والخديعة، والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب، والأيمان الكاذبة، واختلاط الأصوات، وغير ذلك بمعركة الحرب، وبمن يصرع فيها.
و(قوله: وبها ينصب رايته) إعلام بإقامته في الأسواق، وجمع أعوانه إليه فيها.
ويفيد هذا الحديث: أن الأسواق إذا كانت موطن الشياطين ومواضع لهلاك الناس، فينبغي للإنسان ألا يدخلها إلا بحكم الضرورة، ولذلك قال: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، ولأن من كان أول داخل فيها أو آخر خارج منها كان ممن استحوذ عليه الشيطان، وصرفه عن أمور دينه، وجعل همَّه السوق، وما يُعمل فيها فأهلكه. فحق من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله: أنه قد دخل محل الشيطان، ومحل جنوده، وأنه إن أقام هنالك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته، وتحرز من سوء عاقبته، وبليته. وقد تقدَّم القول في تمثل الملائكة والجن في الصور المختلفة، وأن لهم في أنفسهم صورًا خلقهم الله تعالى عليها، وأن الإيمان بذلك كله واجب، لما دل عليه من السمع الصادق، وكان دحية بن خليفة رجلًا حسن الصورة، فلذلك تمثل بصورته جبريل ـ عليه السلام ـ وهو دحية بن خليفة بن فروة الكلبي، وكان من كبار