للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَت أَنَّهُ قَد شَبِعَ وَأَصَابَ مِنهَا، قَالَت: يَا أَبَا طَلحَةَ، أَرَأَيتَ لَو أَنَّ قَومًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُم أَهلَ بَيتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُم أَلَهُم أَن يَمنَعُوهُم؟ قَالَ: لَا، قَالَت: فَاحتَسِب ابنَكَ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرَكتِنِي حَتَّى تَلَطَّختُ، ثُمَّ أَخبَرتِنِي بِابنِي، فَانطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَخبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيلَتِكُمَا. قَالَ: فَحَمَلَت، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِن سَفَرٍ لَا يَطرُقُهَا طُرُوقًا، فَدَنَوا مِن المَدِينَةِ فَضَرَبَهَا المَخَاضُ، فَاحتُبِسَ عَلَيهَا أَبُو طَلحَةَ، وَانطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلحَةَ: إِنَّكَ لَتَعلَمُ يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعجِبُنِي أَن أَخرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ، وَقَد احتَبَستُ بِمَا تَرَى،

ــ

رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النبل، ويقول: صدري دون صدرك، ونفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: لصوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من مائة رجل (١).

واختلف في وقت وفاته فقيل: سنة إحدى وثلاثين. وقيل: سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان، وروى حماد بن سلمة عن ثابت البناني، وعلي بن زيد، عن أنس: أن أبا طلحة سرد الصَّوم (٢) بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أربعين سنة، وأنه ركب البحر، فمات فدفن في جزيرة، وقال المدائني: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين، والله تعالى أعلم بحقيقة ذلك. روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ستَّةً وعشرين حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين أربعة أحاديث.

و(قوله: بارك الله لكما في غابر ليلتكما) أي: في ماضيها، وقد تقدَّم أن غبر من الأضداد. يقال: غبر الشيء: إذا ذهب، وغبر: إذا بقي. وصنيع أم سليم،


(١) رواه أحمد (٣/ ١١١).
(٢) سرد الصوم: والاه وتابعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>