للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن لَيلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي أَن أُصَلِّيَ.

رواه أحمد (٢/ ٣٣٣)، والبخاريُّ (١١٤٩)، ومسلم (٢٤٥٨).

* * *

ــ

و(قوله: بم سبقتني إلى الجنة؟ لا يفهم من هذا أن بلالًا يدخل الجنة قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإنَّ ذلك ممنوع بما قد علم من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو السابق إلى الجنة، وبما قد تقدَّم أنَّه أوَّل من يستفتح باب الجنة، فيقول الخازن: بك أمرت، لا أفتح لأحد قبلك) (١)، وإنما هذه رؤيا نام أفادت أن بلالًا من أهل الجنة، وأنه يكون فيها مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن ملازميه، وهذا كما قال في الغميصاء: سمعت خشخشتك أمامي، وقد لا يبعد أن يقال في أسبقية بلال أنها أسبقية الخادم بين يدي مخدومه، والله تعالى أعلم.

وفيه ما يدلّ على أن استدامة بعض النوافل، وملازمتها في أوقات وأحوال فيه فضل عظيم، وأجر كبير، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يدم عليها، ولا لازمها، ولا اشتهر العمل بها عند أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ، وأن ذلك لا ينكر على من لازمه ما لم يعتقد أن ذلك سنة راتبة له ولغيره، وهذا هو الذي منعه مالك حتى كره اختصاص شيء من الأيام، أو الأوقات بشيء من العبادات، من الصوم، والصلاة، والأذكار، والدعوات، إلا أن يعينه الشارع، ويدوم عليه، فأمَّا لو دام الإنسان على شيء من ذلك في خاصة نفسه، ولم يعتقد شيئًا من ذلك، كما فعله بلال في ملازمة الركعتين عند كل أذان، وفي ملازمة الطهارة دائمًا، لكان ذلك يفضي بفاعله إلى نعيم مقيم، وثواب عظيم.

و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: بهما) أي: بسبب ثواب فعل ذينك الأمرين وصلت إلى ما رأيت من كونك معي في الجنة.


(١) رواه مسلم (١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>