للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَمزَمَ، فَسَمِنتُ حَتَّى تَكَسَّرَت عُكَنُ بَطنِي، وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخفَةَ جُوعٍ! قَالَ: إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعمٍ. فَقَالَ أَبُو بَكرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائذَن لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيلَةَ! فَانطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكرٍ، وَانطَلَقتُ مَعَهُمَا، فَفَتَحَ أَبُو بَكرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقبِضُ لَنَا مِن زَبِيبِ الطَّائِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ

ــ

وأقدَعتُه - إذا كففته، ومنه قول الحسن: اقدعوا هذه الأنفس فإنَّها طلعة (١) - وهو بالدال المهملة.

و(قوله: إنها طعام طعم)؛ أي: يُشبع منه ويُردُّ الجوعَ. الرواية فيه طعامُ طعم بالإضافة، والطعام: اسم لما يتطعَّم، فكأنه قال: طعام إشباع، أو طعام يشبع - فأضافه إلى صفته، هذا على معنى ما قاله ابن شميل، فإنه قال: يقال إن هذا لطعام طعم، أي: يطعم من أكله، أي: يشبع منه الإنسان، وما يطعم أكلُ هذا الطعام أي ما يشبع منه، غير أنه قد قال الجوهري: الطُّعمُ بالضم الطعام، وبالفتح ما يُشتهَى منه. قال: قال أبو خراش:

أُرَدُّ شجاع البَطنِ لَو تَعلَمينه ... ويُؤثَرُ غيري من عيالك بالطُّعمِ

وأَغتَبِقُ الماء القَرَاحَ فَأَنتَهِي ... إذا الزَّادُ أَمسَى للمُزَلَّج ذَا طَعمِ

قال: فأراد بالأول الطعام وبالثاني ما يُشتهى.

قلت: وعلى هذا فلا تصحُّ الإضافة من جهة المعنى، فإنَّه يكون كقولك طعامُ طعامِ، ولا يصحُّ لأنَّه إضافة الشيء إلى نفسه، وإنَّما يستقيم معنى الحديث على ما حكاه ابن شميل، ويحصل من قولهما أن طعمًا تُستعمل بمعنى الاسم كما قاله الجوهري وبمعنى الصفة كما قاله ابن شميل، والله تعالى أعلم.

وقد روى أبو داود الطيالسي من حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ


(١) نفسُ طُلَعَة: كثيرة التطلع إلى الشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>