وحِرَاء بالمدّ: جبل بينه وبين مكّة قدر ثلاثة أميال عن يسارك إذا ذهبت إلى منى. ويجوز فيه التذكير فيُصرف على إرادة الموضع، والتأنيث (١) على إرادة البقعة. وضبطه الأَصيليّ: حَرَا بفتح الحاء والقصر. وقال الخطّابيّ: أصحاب الحديث يخطئون فيه في ثلاثة مواضع، يفتحون الحاء وهي مكسورة، ويكسرون الراء وهي مفتوحة، ويقصرون الألف وهي ممدودة.
واختُلِف في عبادة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه، هل كانت لأنّه كان متعبِّدًا بشريعة مَن قبله؟ أم كانت لِمّا جعل الله في نفسه وشرح به صدره من نور المعرفة؟ ومن بغضه لِما كان عليه قومه من عبادة الأوثان وسوء السيرة وقبح الأفعال، فكان يفرّ منهم بُغضًا ويخلو بمعروفه أُنسًا؟
ثمّ الذين قالوا: إنّه كان متعبِّدًا بشريعة، فمنهم من نسبه إلى إبراهيم، ومنهم من نسبه إلى موسى، ومنهم من نسبه إلى عيسى. وكلّ هذه أقوال متعارضة لا دليلَ قاطع على صحّة شيء منها. والأصحّ القول الأول؛ لأنّه لو كان متعبِّدًا بشيء من تلك الشرائع؛ لعُلم انتماؤه لتلك الشريعة، ومحافظته على أحكامها وأصولها وفروعها، ولو عُلم شيءٌ من ذلك، لنُقِل؛ إذ العادة تقتضي ذلك؛ لأنّه - صلى الله عليه وسلم - ممّن تتوفّر الدواعي على نقل أحواله وتتبُّعِ أموره، ولمّا لم يكن شيء من ذلك، علم صحّة القول الأول.