للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٣٩١] وعَن أَنَسٍ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ. قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَينَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ فَأَبطَأتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا

ــ

و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اللهم أكثر ماله وولده) يدلُّ على إباحة من المال والولد والعيال، لكن إذا لم يشغل ذلك عن الله تعالى ولا عن القيام بحقوقه، لكن لما كانت سلامة الدين مع ذلك بادرة والفتن والآفات غالبة تعيَّن التقلُّل من ذلك الفرار مما هنالك، ولولا دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنس رضي الله عنه بالبركة لخيفَ عليه من الإكثار الهلكة، ألا ترى أن الله تعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد ونبَّه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال: {أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ} وصدَّر الكلام بإنما الحاصرة المحققة، فكأنه قال: لا تكون الأموال والأولاد إلا فتنة، يعني في الغالب. ثم قال بعد (١) ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِن أَزوَاجِكُم وَأَولادِكُم عَدُوًّا لَكُم فَاحذَرُوهُم} ووجه عداوتهما أن محبَّتهما موجبة لانصراف القلوب إليهما والسعي في تحصيل أغراضهما، واشتغالهما بما غلب عليهما من ذلك عما يجب عليهما من حقوق الله تعالى، ومع غلبة ذلك تذهب الأديان ويعم الخسران، فأيُّ عداوةٍ أعظم من عداوة من يدمر دينك هذا الدمار ويورثك عقوبة النار؟ ! ولذلك قال تعالى وهو أصدق القائلين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموَالُكُم وَلا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} وقال أرباب القلوب والفهوم: ما يشغلك من أهل ومال فهو عليك مشؤوم.

و(قول أنس رضي الله عنه: أتى عليَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا ألعب مع الغلمان) دليل على تخلية الصِّغار ودواعيهم من اللعب والانبساط، ولا نُضيق عليهم بالمنع مِمَّا لا مفسدة فيه.

و(قوله: فسلَّم علينا) فيه دليل على مشروعية على الصِّبيان،


(١) كذا في الأصول، والصحيح أن هذه الآية قبل تلك التي ذكرها أولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>