للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَت لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَستَ كَذَلِكَ! قَالَ مَسرُوقٌ: فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَأذَنِينَ لَهُ يَدخُلُ عَلَيكِ وَقَد قَالَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؟ فَقَالَت: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِن العَمَى! فقالت: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ - أَو يُهَاجِي - عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

رواه البخاريُّ (٤٧٥٦)، ومسلم (٢٤٨٨).

ــ

قد كان هو آذاها فما تكلمت فيها، وهي حمنة بنت جحش، فكأنها كانت بحيث تنتصر ممن آذاها بأن تقابلها بما يؤذيها، لكن حجزها عن ذلك دينها وعقلها وورعها.

و(قول عائشة رضي الله عنها لحسان رضي الله عنه: لكنك لست كذلك) تعني أنه لم يصبح غرثان من لحوم الغوافل، وظاهر هذا الحديث أن حسان كان ممن تكلم بالإفك، وقد جاء ذلك نصًّا في حديث الإفك الطويل الذي يأتي فيه أن الذين تكلموا بالإفك مسطح وحسان وحمنة وعبد الله (١) بن أُبىِّ ابن سلول، غير أنه قد حكى أبو عمر أن عائشة رضي الله عنها قد برَّأت حسَّان من الفرية وقالت: إنه لم يقل شيئًا! وقد أنكر حسان أن يكون قد قال من ذلك شيئًا في البيت الثاني الذي ذكره متصلًا بالبيت المذكور آنفًا، فقال:

فَإِنَّ كَانَ ما قَد قِيلَ عَنِّي قُلتُهُ ... فلا رَفَعَت سَوطِي إِليَّ أَنَامِلِي

فيحتمل أن يقال: إن حسان يعني أن يكون قال ذلك نصًّا وتصريحا، ويكون قد عرَّض بذلك وأومأ إليه فنسب ذلك إليه، والله أعلم.

وقد اختلف الناس فيه هل خاض في الإفك أم لا؟ وهل جلد الحَّد أم لا؟ فالله أعلم أيُّ ذلك كان.

و(قول عائشة رضي الله عنها وأيُّ عذابٍ أشدُّ من العمى؟ ) ظاهره يدلُّ


(١) في (م ٤): عدو الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>