للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالجِعرَانَةِ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعرَابِيٌّ

ــ

ولكنه أسلم قديمًا بمكة ثم رجع إلى بلاد قومه، فلم يزل بها حتى قدم هو وناس من الأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوافق قدومهم قدوم أهل السفينتين - جعفر وأصحابه - من أرض الحبشة، ووافوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخيبر. قال أبو عمر: وإنما ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة لأنَّه نزل أرضهم في حين إقباله مع سائر قومه، رمت الريح سفينتهم إلى الحبشة فبقوا فيها، ثم خرجوا مع جعفر وأصحابه؛ هؤلاء في سفينة وهؤلاء في سفينة، فوافوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين افتتح خيبر، فقيل: إنه قسم لأهل السفينتين، وقيل: لم يقسم لهم.

ثم ولَّى عمر بن الخطاب أبا موسى البصرة إذ عزل عنها المغيرة في وقت الشهادة عليه، وذلك سنة عشرين، فافتتح أبو موسى الأهواز، ولم يزل على البصرة إلى صدر من خلافة عثمان ثم عزله عنها وولاها عبد الله بن عامر بن كرز، فنزل أبو موسى حينئذ الكوفة وسكنها، ثم لما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاصي ولَّوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه فأقرَّه، فلم يزل على الكوفة حتى قتل عثمان واستخلف عليّ فعزله عنها. قال أبو عمر: فلم يزل واجدًا منها على علي، ثم كان من أبي موسى بصفين وفي التحكيم ما كان، وكان متحرفًا على عليٍّ لأنَّه عزله ولم يستعمله، وغلبه أهل اليمن في إرساله في التحكيم فلم يجر لهم، ثم انقبض أبو موسى إلى مكة ومات بها، وقيل: مات بالكوفة في داره بجانب المسجد. واختلف في وقت وفاته؛ فقيل: سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين. وكان رضي الله عنه من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود (١)، وسئل علي رضي الله عنه عن موضع أبي موسى من العلم


(١) رواه البخاري (٥٠٤٨)، ومسلم (٧٩٣).
والمقصود بآل داود: داود نفسه، لأنه لم يثبت أن أحدًا من آله أُعْطِي من حُسْن الصوت ما أُعطي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>