حسنها. وحلقى - غير مصروف -، لأنَّ ألفه للتأنيث كسكرى، وهي كلمة جرت في كلامهم مجرى المثل، وأصلها فيمن أصيب حلقها بوجع، وقد تقدَّم: أن عقرى وحلقى: من الكلمات التي جرت على ألسنتهم في معرض الدعاء غير المقصود.
وأم هذا الصبي الرضيع نظرت إلى الصورة الظاهرة فاستحسنت صورة الرجل وهيأته، فدعت لابنها بمثل هذا، واستقبحت صورة الأمة وحالتها، فدعت ألا يجعل ابنها في مثل حالتها، فأراد الله تعالى بلطفه تنبيهها بأن أنطق لها ابنها الرضيع بما تجب مراعاته من الأحوال الباطنة، والصفات القلبية. وهذا كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (١)، وكما قال بعض حكماء الشعراء:
ليس الجمال بمئزر ... فاعلم وإن رديت بردا
إن الجمال معادن ... ومناقب أورثن مجدا
وهذا الصبي ظاهره أن الله تعالى خلق فيه عقلا وإدراكا كما يخلقه في الكبار عادة، ففهم كما يفهمون، ويكون خرق العادة في كونه خلق له ذلك قبل أوانه، ويحتمل أن يكون أجرى الله ذلك الكلام على لسانه وهو لا يعقله، كما خلق في الذراع والحصى كلاما له معنى صحيح، مع مشاهدة تلك الأمور باقية على جمادتها، كل ذلك ممكن، والقدرة صالحة، والله تعالى أعلم بالواقع منهما.
(١) رواه أحمد (٢/ ٥٣٩)، ومسلم (٢٥٦٤) (٣٤)، وابن ماجه (٤١٤٣).