للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِندَ الكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَو كِلَيهِمَا، ثم لَم يَدخُل الجَنَّةَ.

رواه مسلم (٢٥٥١) (١٠)، والترمذيُّ (٣٥٣٩).

ــ

و(قوله: أحدهما أو كليهما) كذا الروايات الصحيحة بنصب أحدهما وكليهما، لأنَّه بدل من والديه المنصوب بأدرك، وقد وقع في بعض النسخ: أحدهما أو كلاهما مرفوعين على الابتداء، ويتكلف لهما إضمار الخبر، والأول أولى (١).

و(قوله: ثم لم يدخل الجنة) معناه: دخل النار لانحصار منزلتي الناس في الآخرة بين جنة ونار، كما قال: {فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} فمن قيل فيه: لم يدخل النار منهم، إنه في الجنة، وبالعكس، وأو المذكورة هنا للتقسيم، ومعناه: أن المبالغة في بر أحد الأبوين - عند عدم الآخر - يدخل الولد الجنة، كالمبالغة في برهما معا، ويعني بهذه المبالغة: المبرة التي تتعين لهما في حياتهما، وقد يتعين لهما أنواع من البر بعد موتهما، كما قد فعل عبد الله بن عمر مع الأعرابي الذي وصله بالعمامة والحمار، ثم ذكر ما سمعه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في ذلك، وكما روى أبو داود عن أبي أسيد قال: بينا نحن عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم! الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما (٢).

ولا خلاف في أن عقوق الوالدين محرم، وكبيرة من الكبائر، وقد دل على ذلك الكتاب في غير موضع وصحيح السنة، كما روى النسائي والبزار من حديث ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه،


(١) ما بين حاصرتين سقط من (م ٤).
(٢) رواه أحمد (٣/ ٤٩٧ و ٤٩٨)، وأبو داود (٥١٤٢)، وابن ماجه (٣٦٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>