للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَمرٍ وَإِنَاءٍ مِن لَبَنٍ، فَاختَرتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبرِيلُ: اختَرتَ الفِطرَةَ. قَالَ: ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ، فَاستَفتَحَ جِبرِيلُ، فَقِيلَ: مَن أَنتَ؟ قَالَ: جِبرِيلُ. قِيلَ:

ــ

و(قوله: أصبتَ الفِطرَة) أصل الفطرة: ابتداء الخِلقَةِ، ومنه: فطر ناب البعير، إذا ابتدأ خروجه، ومنه: قول الأعرابيّ المتحاكِم إلى ابن عبّاس في البئر: أنا فَطَرتُها، أي: ابتدأتُ حفرَها. وقيل في قوله تعالى: فِطرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا؛ أي: جِبِلَّة الله التي جَبَلَهم عليها من التهيُّؤ لمعرفته والإقرار به (١). وقيل: هي ما أخَذ عليهم في ظهر آدم - عليه السلام - من الاعتراف بربوبيّته. وقيل: الفطرة الإسلام؛ لأنّه الذي تقتضيه فطرة العقل ابتداءً. وقد حُمِل (٢) على هذا قولُه - عليه الصلاة والسلام -: كلّ مولود يُولَدُ على الفطرة (٣). . الحديث، وقد نصّ على هذا في حديث آخر، فقال: جَبَلَ اللهُ الخلقَ على معرفته فاجتالتهم الشياطين (٤).

وكأن معنى الحديث أنّه لمّا مال إلى ما يُتناوَل بالجبلَّة والطبع وما لا ينشأ عنه مفسدةٌ وهو اللبن، وعدل عمّا ليس كذلك مما يتَوَقَّعُ منه مفسدة أو من جنسه، وهي إذهاب العقل الموصل للمصالح، صوَّب الملك فعله ودعا له، كما قال في الرواية الأخرى: أصبتَ أصاب الله بك (٥)، ويحتمل أن يكون ذلك من باب التفاؤل والتشبيه؛ لما كان اللبن أوّلَ شيء يدخل جوف الصبيّ ويشقّ أمعاءه، فسمّي بذلك فطرةً.


(١) من (ع).
(٢) في (ل): دلّ.
(٣) رواه أحمد (٢/ ٢٣٣، ٢٧٥، ٢٨٢، ٣٩٣)، والبخاري (١٣٨٥)، وأبو داود (٤٧١٤ و ٤٧١٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) رواه مسلم (٢٨٦٥) بلفظ: "إني خلقتُ عبادي حُنفاء كُلَّهم، وانهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه.
(٥) انظر: صحيح مسلم (١/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>