للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلَاثٍ.

وفي رواية: ولا تقاطعوا بدل ولا تدابروا وزاد: كما أمركم الله.

ــ

معنى الكلمة: لا تهتجروا، وتكون: تفتعلون: يعني تهاجروا، أو من هجر الكلام: وهو الفحش فيه، أي: لا تتسابوا وتتفاحشوا.

قلت: والرواية الأولى أوضح وأولى.

و(قوله: ولا تحاسدوا) أي: لا يحسد بعضكم بعضا، والحسد في اللغة: أن تتمنى زوال نعمة المحسود وعودها إليك. يقال: حسده يحسده حسودا. قال الأخفش: وبعضهم يقول: يحسد -بالكسر (١) - والمصدر حسدا بالتحريك، وحسادة، وحسدتك على الشيء، وحسدتك الشيء: بمعنى واحد. فأمَّا الغبطة فهي أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه. تقول منه: غبطته بما نال غبطا وغبطة. وقد يوضع الحسد موضع الغبطة لتقاربهما، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين (٢) أي: لا غبطة أعظم ولا أحق من الغبطة بهاتين الخصلتين.

و(قوله: وكونوا عباد الله إخوانا) أي: كونوا كإخوان النسب في الشفقة، والرحمة، والمودة، والمواساة، والمعاونة، والنصيحة.

و(قوله: كما أمركم الله) يحتمل أن يريد به هذا الأمر الذي هو قوله: كونوا إخوانا، لأنَّ أمره صلى الله عليه وسلم هو أمر الله، وهو مبلغ له، ويحتمل: أن يريد بذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ} فإنَّه خبر عن المشروعية التي ينبغي للمؤمنين أن يكونوا عليها، ففيها معنى الأمر.

و(قوله: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) دليل خطابه: أن الهجرة دون الثلاث معفو عنها، وسببه: أن البشر لا بد له غالبًا من سوء خلق


(١) في (ز): بالخفض.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٣٦)، والبخاري (٧٥٢٩)، ومسلم (٨١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>