للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليَومَ أُظِلُّهُم فِي ظِلِّي يَومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي.

رواه أحمد (٢/ ٢٣٧)، ومسلم (٢٥٦٦) (٣٧).

ــ

و(قوله: اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) قيل: هذه الإضافة إضافة تشريف وإكرام؛ إذ الظلال كلها ملكه وخلقه.

قلت: وأولى من هذا التأويل: أنه يعني به: ظل العرش؟ كما قد جاء في رواية أخرى. فيعني - والله تعالى أعلم -: أن في القيامة ظلالا بحسب الأعمال الصالحة تقي صاحبها من وهج الشمس (١) ولفح النار، وأنفاس الخلق، كما قال صلى الله عليه وسلم: الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس (٢)، ولكن ظل العرش أعظم الظلال وأشرفها، فيخص الله به من يشاء من صالح عباده، ومن جملتهم المتحابون لجلال الله. فإنَّ قيل: كيف يقال: في القيامة ظلال بحسب الأعمال؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (٣)، وهو ظل العرش المذكور في الحديث؟ قلنا: يمكن أن يقال: كل ظل في القيامة إنما هو له، لأنَّه بخلقه واختراعه بحسب ما يريده تعالى من إكرام من يخصه به؛ فعلى هذا يكون كل واحد من هؤلاء السبعة في ظل يخصه، وكلها ظل الله، لا ظل غيره؛ إذ ليس لغيره هنالك ظل، ولا يقدر له على سبب. ويحتمل أن يقال: إنَّه ليس هنالك إلا ظل واحد، وبه يستظل المؤمنون، لكن لما كان الاستظلال بذلك الظل لا ينال إلا بالأعمال الصالحات نسب لكل عمل ظل؛ لأنه به وصل إليه. والله تعالى أعلم. وهذا كله بناء على أن الظلال حقيقة لا مجاز، وهو قول جمهور العلماء. وقال


(١) في (ع) و (م ٤): الشهيق.
(٢) رواه أحمد (٤/ ١٤٧ - ١٤٨)، وأبو يعلى (١٧٦٦)، وابن خزيمة (٢٤٣١)، وابن حبان (٣٣١٠)، والحاكم (١/ ٤١٦).
(٣) رواه أحمد (٢/ ٤٣٩)، والبخاري (٦٦٠)، والترمذي بعد حديث (٢٣٩١)، والنسائي (٨/ ٢٢٢ - ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>