للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ؛ الحَربُ، وَالإِصلَاحُ بَينَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ المَرأَةِ زَوجَهَا.

وقد روى مسلم هذا من كلام ابن شهاب.

ــ

يزيد، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس (١). فهذه الأحاديث قد أفادت أن الكذب كله محرم لا يحل منه شيء إلا هذه الثلاثة، فإنَّه رخص فيها لما يحصل بذلك من المصالح، ويندفع به من المفاسد، والأولى ألا يكذب في هذه الثلاثة، إذا وجد عنه مندوحة؛ فإن لم توجد المندوحة أعملت الرخصة. وقد يجب ذلك بحسب الحاجة إلى تلك المصلحة، والضرورة إلى دفع تلك المفسدة، وما ذكرته هو - إن شاء الله - مذهب أكثر العلماء، وقد ذهب الطبري إلى أنه لا يجوز الكذب الصريح بشيء من الأشياء، لا في هذه الثلاثة، ولا في غيرها، متمسِّكًا بالقاعدة الكلية في تحريمه، وتأول هذه الأحاديث على التورية والتعريض، وهو تأويل لا يعضده دليل، ولا تعارض بين العموم والخصوص كما هو عن العلماء منصوص. وأما كذبة تنجي ميتا، أو وليا، أو أمما، أو مظلوما ممن يريد ظلمه، فذلك لا تختلف في وجوبه أمة من الأمم، لا العرب ولا العجم.

و(قوله: إن الرجل لا يزال يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) يتحرى الصدق: يقصد إليه ويتوخاه، ويجتنب نقيضه الذي هو الكذب، حتى يكون الصدق غالب حاله، فيكتب من جملة الصديقين، ويثبت في ديوانهم، وكذلك القول في الكذب. وأصل الكتب: الضم والجمع، ومنه: كتبت البغلة: إذا جمعت بين شفريها بحلقة.


(١) رواه الترمذي (١٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>