للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: حَتَّى تَكُونُوا أَنتُم تَجدَعُونَهَا. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ

ــ

قد أخبر في بقية الحديث: بأنها تبدل وتغير، وقيل: هي ما أُخذ عليهم من الميثاق وهم في أصلاب آبائهم. وهذا إنما يليق بالرواية التي جاء فيها: كل مولود يولد على الفطرة ويبعد في رواية من رواه: على هذه الملة وهي إشارة إلى ملة الإسلام.

وقال بظاهر هذه الآية طائفة من المتأولين، وهذا القول أحسن ما قيل في ذلك - إن شاء الله تعالى - لصحَّة هذه الرواية، ولأنها مبينة لرواية من قال: على الفطرة. ومعنى الحديث: إن الله تعالى خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول، وعلى تلك الأهلية أدركت الحق. ودين الإسلام هو الدين الحق، وقد جاء ذلك صريحا في الصحيح: جبل الله الخلق على معرفته، فاجتالتهم الشياطين (١) وقد تقدَّم هذا المعنى، وقد دل على صحة هذا المعنى بقية الخبر، حيث قال: كما تُنتَج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء يعني: أن البهيمة تلد ولدها كامل الخلق، سليما من الآفات، فلو نزل على أصل تلك الخلقة لبقي كاملا بريئا من العيوب، لكن يُتصرف فيه، فتجدع أذنه، ويوسم وجهه، فتطرأ عليه الآفات والنقائص، فيخرج عن الأصل، وكذلك الإنسان، وهو تشبيه واقع، ووجهه واضح. والرواية تُنتج بضم التاء الأولى، وفتح الثانية، مبنيا لما لم يُسمَّ فاعله. يقال ذلك إذا ولدت، ومصدرها نتاجا، وقد نتجها أهلها نَتجا، بفتح النون والتاء، مبنيا للفاعل. وهم ناتجوها: إذا ولدت عندهم وتولوا نتاجها. وحكى الأخفش فيه أنه يقال: أنتجت الناقة، رباعيا. ويقال: أنتجت الفرس والناقة: حان نتاجهما. وقال يعقوب: إذا استبان حملها، فهي نتوج، ولا يقال: منتج (٢)، وأتت


(١) رواه مسلم (٢٨٦٥) بنحوه.
(٢) في (ز). نتيج. والمثبت من (ع) و (ز) والصحاح مادة (نتج).

<<  <  ج: ص:  >  >>