للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِن أَصَابَكَ شَيءٌ فَلَا تَقُل: لَو أَنِّي فَعَلتُ لكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِن قُل: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَو تَفتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ.

رواه أحمد (٢/ ٣٦٦)، ومسلم (٢٦٦٤)، وابن ماجه (٤١٦٨).

* * *

ــ

بالله، والتوكل عليه، والالتجاء في كل الأمور إليه، فمن سلك هذين الطريقين حصل على خير الدارين.

و(قوله: وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا. قل: قدر الله، وما شاء فعل) يعني: إن الذي يتعين بعد وقوع المقدور التسليم لأمر الله، والرضا بما قدره الله تعالى، والإعراض عن الالتفات لما مضى وفات. فإنَّ افتكر فيما فاته من ذلك وقال: لو أني فعلت كذا لكان كذا، جاءته وساوس الشيطان، ولا تزال به حتى تفضي به إلى الخسران؛ لتعارض توهم التدبير سابق المقادير، وهذا هو عمل الشيطان الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فلا تقل: لو، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان. ولا يفهم من هذا: أنَّه لا يجوز النطق بـ (لو) مطلقا؛ إذ قد نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسُق الهدي، ولجعلتها عمرة (١). ولو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت هذه (٢). وقال أبو بكر - رضي الله عنه -: لو أن أحدهم نظر إلى رجليه لرآنا. ومثله كثير، لأنَّ محل النهي عن إطلاقها إنما هو فيما إذا أطلقت في معارضة القدر، أو مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور، فأمَّا لو أخبر بالمانع على جهة أن تتعلق به فائدة في المستقبل، فلا يختلف في جواز إطلاقه؛ إذ ليس في ذلك فتح لعمل الشيطان، ولا شيء يفضي إلى ممنوع، ولا حرام، والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٢٥٠٦)، ومسلم (١٢١١) (١٣٠).
(٢) رواه البخاري (٧٢٣٨)، ومسلم (١٤٩٧) (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>